الناس من قال في هذه: أنه لا يغرم للثاني قولا واحدا، لأنه غير مفرط، لأن الإحاطة لم يؤخذ عليه بما يتعلق بتركة أبيه فجاز أن يعتقد شيئا فيها، فربما (1) يكون الأمر بخلافه وقد أخذت عليه الإحاطة بما يتعلق بأفعاله ويجب في ماله، فإن أقر ثم رجع كان مفرطا في إقراره الأول. والأقوى في هذه أيضا أن يغرم على ما قلناه في مسألة الغصب (2).
والمعتمد ما قواه الشيخ في كتاب الإقرار، ولأنه أتلف مال غيره وحال بينه وبينه بإقراره فكان غارما لوجود السبب.
مسألة: قال الشيخ في المبسوط: لو كان مع مدعي الدار بينة أنها له وقد كان الذي في يده قال: إنها لزيد وزيد غائب ولا بينة مع المقر قضي للمدعي بالبينة، وهل يحلف معها؟ قال قوم يحلف معها، لأنه قضاء على الغائب بدلالة أن المقر أقر بها له، والقضاء عليه بعد الاعتراف بها للغائب لا يصح، ثبت (3) أنه قضاء على غائب. وقال قوم: يقضي له بالبينة بغير يمين، لأن هذا قضاء على حاضر، لأن الشئ في يده فالظاهر أنها ملكه، وهو الأقوى (4).
والوجه عندي الأول، لأنه قضاء على الغائب، لاندفاع الخصومة عن المقر بإقراره، وقد سبق أن الغائب يقضي عليه مع البينة باليمين.
مسألة: قال الشيخ في المبسوط: إذا تداعيا دارا في يد غيرهما وأقام كل واحد منهما بينة أنها له تركت في يد الذي هي في يده فالقول قوله مع يمينه. قالوا (5):
هلا زالت يده عنها بهذه البينة، لأنهما وإن تعارضتا في عين الملك (6) فقد اجتمعتا على أنها ليست ملكا لمن هي في يده. قلنا: إذا لم يعين البينة طالب