والإبل والبقر حنث ولا يحنث بأكل رؤوس العصافير والطيور والحيتان والجراد، وقال بعض الفقهاء: لا يحنث إلا بأكل رؤوس الغنم فحسب، وهو قوي، لعرف العادة، هذا إذا لم يكن له نية، فإن كان له نية حنث وبر على نيته، هكذا أورده شيخنا أبو جعفر في مبسوطه، وهو من فروع المخالفين وتخريجاتهم، والذي يقتضيه أصولنا أنه يحنث بأكل جميع الرؤوس، لأن ذلك هو الحقيقة فلا يعدل عنها إلى المجاز، لأنا ننظر إلى مخرج اليمين، ويحنث صاحبها ويبر على مخرجها وحقائقها دون أسبابها ومعانيها ومجازاتها وفحوى خطابها (1).
والمعتمد أن نقول: إن نوى الحالف صرف الحلف إليه، وإن لم ينو فإن كان هناك عرف خاص يعهده الحالف وينصرف إطلاق لفظه إليه حمل عليه، وإلا حمل على الحقيقة اللغوية.
مسألة: قال الشيخ في المبسوط: إذا حلف لا يأكل بيضا، حقيقة هذا كل بيض، سواء زايل بايضه وهو حي كالدجاج والنعام والإوز والعصافير، أو لا يزايل بايضه وهو حي كبيض السمك والجراد والبيض الموجود في جوف الدجاجة يطبخ ويشوي معها، غير إنا نحمله على ما يزايل بايضه حيا بالعرف القائم في الاسم، ألا تراه إذا قال: أكلت البيض لم يفهم منه بيض السمك والجراد، وكذلك إذا حلف لا أكلت الرؤوس فهذا حقيقته كل رأس وحملناه على النعم بالعرف القائم في الاسم (2).
وقال ابن إدريس: الذي يقتضيه مذهبنا أنه يحنث بأكل جميع ما ينطلق عليه اسم البيض، لأن اسم البيض يقع حقيقة على جميع ذلك، والأيمان عندنا يتعلق بحقائق الأشياء ومخارج الأفعال والأسماء ولا يرجع إلى المعاني، وإنما هذه تخريجات المخالفين وقياساتهم، فإذا كان اسم البيض ينطلق على بيض السمك