لأن هذا ليس بأمر مشكل، لأن بينة العبد شهدت بأمر زائد قد يخفى على بينة الوارث (1).
وأقول: الشيخ - رحمه الله. - إنما حكم بالقرعة في الموضع الذي يحصل الاشتباه فيه، وهو أن تشهد بينة القتل بأمر لا يخفى عن بينة الموت وتشهد بينة الموت بأمر لا يمكن أن يجامع بينة القتل فحينئذ يتحقق التعارض، فأما أن تتساقطا - كما ذهب إليه قوم من الجمهور (2) - وليس بجيد، وإما أن يحكم بالقرعة وعليه النقل (3)، لأنه مشكل، لعدم الترجيح لإحداهما.
والذي قاله ابن إدريس: (إن بينة القتل شهدت بأمر قد يخفى عن بينة الموت) ليس محل النزاع، لأنه حينئذ يحكم ببينة القتل. وقول ابن إدريس ليس بردئ لا باعتبار ما قال، بل من حيث إن العبد خارج مدعي فالحكم لبينته.
مسألة: قال الشيخ في المبسوط: لو قال لعبد له: إن مت في رمضان فأنت حر وقال لعبد آخر: إن مت في شوال فأنت حر فمات السيد واختلف العبدان وأقام كل واحد منهما البينة على ما ادعاه حكم بالقرعة (4).
وقال ابن إدريس: الصحيح أنه تقبل بينة رمضان، لأن معها زيادة، وهو أن يخفى على بينة شوال موته في رمضان، ولا يخفى على بينة رمضان موته في شوال، فكان صاحب رمضان أولى، وليس هذا من الأمور المشكلة بقبيل (5).
والمعتمد ما قاله الشيخ، لأن بينة شوال إنما تشهد بموته فيه لو عرفت حياته في رمضان، وهو لا يجمع شهادة موته فيه.