وليس مقصود الشيخ هنا اشتراط الأخذ منهم، بل ذكر ذلك على سبيل الأغلب، وإنما المذهب معروف، وهو الذي ذكره في النهاية والمبسوط.
مسألة: المشهور عند علمائنا إباحة ما يصيده الكفار من السمك إذا شوهد حيا في أيديهم ويموت في غير الماء.
وقال السيد ابن زهرة: وذكاة السمك والجراد صيد المسلم لهما فقط، ومن أصحابنا من قال: يجوز صيد الكافر لهما، لأنه ليس من شرط ذلك التسمية وإن كانت أولى، إلا أنه لا يحل أكل شئ من ذلك إذا لم يشاهد المسلم أخذ الكافر له حيا. والقول الأول أحوط (1).
وقال ابن إدريس: فأما من تمسك وذهب إلى تحريم أكل السمك والجراد إذا صادهما الذمي والمسلم غير المحق يعول على أن صيدهما هي ذكاتهما، وإن العذر قد انقطع بأن غير المحق لا ذكاة له ولا تؤكل ذبيحته. فأقول: إن أخذ السمك وإخراجه من الماء حيا ليس بذكاة على الحقيقة، وإنما أجرى مجرى الذكاة في الحكم لا في وقوع الاسم، وإذا وقع التحريم بتذكية غير المحق وأنه لا ذكاة له وإنما يدخل في ذلك ما يكون حقيقة من الذبح وفري الأوداج وما لا يكون حقيقة ويسمى بهذه التسمية جاز ألا يدخل في الظاهر إلا بدليل، فعلى من ادعى دخول صيد غير المحق السمك والجراد تحت تحريم ذكاة المبطل الدليل. وأيضا لو كان صيد السمك ذكاة حقيقة لما قال الرسول - صلى الله عليه وآله - لما سئل عن ماء البحر، فقال: (هو الطهور ماؤه الحل ميتته) فأحل ميتته، فلو كان صيده ذكاة حقيقة لما أطلق عليه اسم الميتة، لأن الحيوان المذكى لا يسمى ميتة في عرف الشرع. ولما قال أمير المؤمنين - عليه السلام -