وقال ابن إدريس: الأولى حمل هذه الرواية على الكراهة دون الحظر، لأنه لا دليل على تحريم ذلك من كتاب ولا سنة مقطوع بها ولا إجماع، والأصل الإباحة (1).
والوجه ما قاله الشيخ.
لنا: إن تحريم تناول الخمر عام في قليله وكثيره، وإذا شرب شئ من هذا الخمر ونزل إلى الأمعاء توزع منه أجزاء لطيفة ولا يعلم إزالتها عنها بالغسل، فالإقدام على تناوله إقدام على ما لا يعلم إباحته، بل يظن تحريمه فيكون حراما.
وما رواه زيد الشحام في الموثق، عن الصادق - عليه السلام - أنه قال في شاة شربت خمرا حتى سكرت ثم ذبحت على تلك الحال: لا يؤكل ما في بطنها (2).
وأصالة الإباحة معارضة بالاحتياط.
مسألة: ذهب الشيخ - رحمه الله - إلى أن لحم البغال أشد كراهية من لحم الحمير عندنا، وليس بمحرم (3). وهذا هو المشهور لتركبه من الخيل والحمير، فجمع الكراهتين (4) معا.
وقال ابن إدريس: قال بعض أصحابنا: لحم الحمار أشد كراهة (5). وكأنه الأليق في النظر عندي، لأن المتولد من قوي الكراهة وضعيفها أخف كراهة من المتولد من قوي الكراهة.