أن علي عشرة فقال: لست أختار العشرة وقد أعتقته عن كفارتي فيجزئه عن الكفارة، لأنه لا يقبل العوض. ويتفرع على هذا مسألة أخرى وهي: أنه إذا قال له: أعتق عبدك عن كفارتك على أن علي عشرة فقال: أعتقته ولم يقل:
عن كفارتي ولا قال: علي العشرة (1) فالظاهر أنه أوقعه على الأمرين معا، لأنه خرج جوابا عن كلامه، وهو استدعاء منه العتق عن الكفارة على العوض، فالظاهر أن الجواب انصرف إليه (2).
والوجه أن نقول: الحكم بعدم الإجزاء عن الكفارة مع وجوب العوض حكمان متنافيان. بيانه: إن الجاعل إنما جعل له العوض في مقابلة العتق عن الكفارة فإما أن يقع أو لا، فإن وقع نافى قوله، لعدم الوقوع، وإن لم يقع لم يستحق العوض، لعدم الفعل الذي وقع الجعل له، وكما لا يستحق مع عدم الإعتاق فكذا مع الإعتاق الذي لا يجزئ، وأيضا في صحة العتق لا عن الكفارة نظر، لأن العتق لم يقصد إلا بهذا الوجه، فإذا لم يحصل وجب الحكم بفساد الإيقاع وبقاء الرق في العبد، وأيضا إثبات الولاء للباذل مشكل، لأنه - عليه السلام - جعل الولاء لمن أعتق (3)، والمعتق هنا المالك لا الباذل.
والتحقيق في هذه المسألة أن نقول: إن قصد بالإعتاق أخذ العوض كان باطلا، لأنه لم يقع عن الكفارة، لعدم تخصيص الإرادة بهذا الوجه فلا يستحق العوض، وغيره غير مراد فلا يقع، لانتفاء شرط العتق، وهو القصد.
مسألة: قال الشيخ في المبسوط: وها هنا مسألة تشبه هذه المسألة وهي: إن الرجل إذا قدم إلى غيره طعاما وقال: كله فإذا أكله يأكله مملوكا، لكن متى يملكه قيل: فيه ثلاثا أقوال: أحدهما: بالتناول، والثاني: بوضعه في فيه،