وقال ابن إدريس: المشروطة لازمة من جهة السيد جائزة من جهة العبد، والمطلقة لازمة من الطرفين (١).
والوجه أن نقول: الكتابة بنوعيها لازمة من الطرفين، لأنها عقد فيجب الوفاء به، لقوله تعالى: ﴿أوفوا بالعقود﴾ (2) ونمنع أن للعبد تعجيز نفسه، بل يجب عليه أداء المال مع الإمكان والقدرة عليه أو التكسب له، فإن عجز كان للمولى حينئذ خيار الفسخ في المشروطة، ولو لم يختر المولى الفسخ عند العجز لم تنفسخ الكتابة بمجرد العجز.
مسألة: قال الشيخ في المبسوط الإيتاء واجب عندنا، وهو أن يحط السيد عن مكتابه شيئا من مال الكتابة أو يؤتيه شيئا يستعين به على الأداء، لقوله تعالى: (وآتوهم من مال الله الذي آتاكم) وهذا أمر. وقال قوم: هو مستحب، وبه قال قوم من أصحابنا (3).
وقال في الخلاف: إذا كاتب عبده وكان السيد يجب عليه الزكاة وجب عليه أن يعطيه شيئا من زكاته يحتسب به من مال مكاتبته، وإن لم يكن ممن وجب عليه الزكاة كان ذلك مستحبا غير واجب، وأوجبه الشافعي، ولم يفصل، واستحبه أبو حنيفة، ولم يفصل. واستدل بقوله تعالى: (وآتوهم من مال الله الذي آتاكم) وقوله تعالى في آية الزكاة: (وفي الرقاب) وهم المكاتبون، وهذا منهم. وأما إذا لم يجب عليه الزكاة فالأصل براءة الذمة، وإيجاب شئ عليها يحتاج إلى دليل، وقوله تعالى: (وآتوهم من مال الله) نحمله على من يجب عليه الزكاة أو على وجه الاستحباب، ولو كان الإيتاء واجبا لعتق إذا بقي عليه من مكاتبته درهم، لأنه يستحق على سيده هذا القدر، فلما لم