وقال ابن إدريس: الذي تقتضيه الأدلة أن يقال: هذا يكون إذا عقره عقرا لم يصيره في حكم المذبوح، فأما إذا عقره عقرا صيره في حكم المذبوح، فإن أخرج حشوته أو فلق قلبه أو قطع الحلقوم والمرئ والودجين ثم غاب عن العين بعد ذلك فإنه يحل أكله، وإلى هذا التحرير والتفصيل كان يذهب - رحمه الله - في مسائل خلافه (1). وهذه المؤاخذة ليست جيدة، لأن قصد الشيخ - رحمه الله - في النهاية ما ذكره في الخلاف، لظهوره.
مسألة: قال الشيخ في النهاية: وإن أصاب الصيد سهم فتدهده من جبل أو وقع في الماء ثم مات لم يجز أكله، لأنه لا يأمن أن يكون قد مات في الماء أو من وقوعه من الجبل (2).
وقال ابن إدريس: إن صيره السهم في حكم المذبوح بأن قطع الحلقوم والمرئ والودجين أو جميع الرقبة ما خلا الجلد أو أبان السهم حشوته وما أشبه ذلك فلا بأس بأكله (3). وهذا أيضا غير مناف لما قصده الشيخ في النهاية، لأنه مراده.
وقد نبه شيخنا على ذلك في المبسوط فقال: إذا رمى طائرا فجرحه فسقط على الأرض فوجد ميتا حل أكله، سواء مات قبل أن يسقط أو بعد ما سقط (4)، وقال بعضهم: إذا مات بعد ما سقط لم يحل أكله، لأن سقوطه على الأرض قبل موته فقد أعانت السقطة على قتله فقد مات عن مبيح (5) وحاظر فغلبنا حكم الحظر، كما لو سقط في الماء، وهذا أليق بمذهبنا. فأما إن سقط عن الإصابة في ماء أو تردى من جبل أو وقع على شجرة فتردى منها إلى الأرض لم يحل أكله،