عوضا مستحقا كان ذلك الدفع كلا دفع كالبيع. ثم يقال للمكاتب: إن جئت بعوض آخر على الصفة التي شرط عليك عتقت، وإلا فقد ظهر عجزك، فللسيد أن يفسخ الكتابة ويرده إلى ملكه (1).
وقال ابن الجنيد: ولو استحق ما دفعه المكاتب إلى السيد أو بعضه بعد التحرير فإن كان المكاتب فعل ذلك على علم به كان الأداء باطلا وهو على الكتابة، وإن كان جميع الكتابة حالا يوم يستحق السلعة كان لسيده إن لم يكن عند العبد وفاء ذلك أو لم يؤديه إليه أن يعجزه ويرده مملوكا إن كان شرط ذلك عليه، وإن كان المكاتب غير عالم بحال السلعة المستحقة لم يبطل عتقه ورجع عليه السيد بقيمتها.
والمعتمد ما قاله الشيخ، لظهور بطلان المعاوضة باستحقاق أحد العوضين وعجز المكاتب عن دفع العوض.
احتج ابن الجنيد بأن المكاتب معذور بجهله وقد عتق بالدفع الواجب عليه - وهو المملوك - ظاهرا، ولا يجب عليه تتبع ما في نفس الأمر.
والجواب: المنع من العتق في نفس الأمر بل في الظاهر، وبظهور فساد العوض يظهر بطلان العتق.
مسألة: لو دفع المكاتب مال الكتابة قبل حلول النجوم لم يجب على المولى قبوله على قول أكثر علمائنا مطلقا.
وقال ابن الجنيد بذلك، لكنه قال بعد ذلك: لو كان المكاتب مريضا فسام سيده أخذ باقي كتابته ووصى بوصايا وأقر بديون عليه لم يكن للسيد الامتناع من الأخذ، لأن في امتناعه من ذلك بطلان إقراره بدين غرمائه وما يتقرر (2) به من وصيته عند بعض المسلمين.