مسألة: قال ابن الجنيد: إذا استعدى الخصم على رجل كان للحاكم أن يسأله عن خصمه، فإذا أخبره بأنه بالمصر أو حيث يمكنه الخروج من منزله والرجوع إليه من يومه وأنه رجل يتمكن من الحضور عنده أو امرأة برزة ولم يبين للوالي ظلم المستعدي فعلى الحاكم أن يعديه، فإن كان المستعدى عليه من أهل الشرف والمحل عند السلطان وجه الحاكم إليه من يعرفه الحال ليحضر أو وكيل له أو ينصف خصمه ويعينه عن معاودة الاستعداء عليه، ولو خبره بأنه خارج عن المصر بحيث يلزم الخارج إليه والداخل منه اسم مسافر لم يجب إلا بعد أن يثبت المستعدى حقه عند الحاكم.
وقال الشيخ في المبسوط: إذا استعدى رجل عند الحاكم على رجل حاضر أعدى عليه وأحضره، سواء علم بينهما معاملة أو لم يعلم، وهو الأقوى عندنا، وليس في ذلك ابتذال لأهل الصيانات والمروات، فإن عليا - عليه السلام - حضر مع يهودي عند شريح، وحضر عمر مع أبي عند زيد بن ثابت ليحكم بينهما في داره، وحج المنصور فحضر مع جمالين مجلس الحكم لحلف كان بينهما.
وقال بعضهم: إذا كان من أهل الصيانات لم يحضره الحاكم مجلس الحكم بل يستدعيه إلى منزله ويقضي بينه وبين خصمه فيه، وإن لم يكن من أهل الصيانات أحضره مجلس الحكم، وإن كان غائبا في غير ولايته فإنه يقضي على الغائب، وإن كان في ولايته فإن كان له خليفة بعث لخصمه إليه ليحكم بينهما، وإلا فإن كان من يصلح للحكم بينهما هناك كتب إليه وجعل إليه النظر بينهما، وإن لم يكن قال لخصمه: حرر دعواك عليه، فإذا حررها أعدى عليه وأحضره وإن بعدت المسافة، وقال قوم: إن كان من مسافة يرجع فيها إلى وطنه ليلا أحضره وإلا لم يحضره، وقال قوم: إن كان على مسيرة يوم وليلة أحضره وإلا تركه، وقال قوم: إن كان على مسافة لا يقصر فيها الصلاة أحضره