كالقصاص والنكاح، ومنهم من قال: يحبس لا محالة، وهو الأقوى عندي، لأن الشاهد مع اليمين حجة في الأموال، لأنه يحلف ويستحق، وليس كذلك في العتق والقصاص، لأن الشاهد الواحد ليس حجة فلهذا لم نحبسه، فكل موضع حبسناه بشاهدين فلا يزال في الحبس حتى يتبين عدالتهما وجرحهما، وكل موضع حبس بشاهد واحد لم يحبس أبدا ويقال للمشهود له: إن جئت بعد ثلاثة وإلا أطلقناه (1).
والوجه أنه لا يحبس في شئ من هذه الفروض إلا بعد ثبوت الحق والتمكن من إقامة المزكي إذ الحلف لا يقتضي ثبوت الحق، بل الإقامة والحلف بالفعل.
مسألة: قال الشيخ في الخلاف: من كان في يده شئ يتصرف فيه بلا دافع ولا منازع بسائر أنواع التصرف جاز أن يشهد له بالملك، طالت المدة أم قصرت. واستدل بإجماع الفرقة وأخبارهم، ولأنه لا خلاف أنه يجوز أن يشتري منه، فإذا حصل في يده يدعي أنه ملكه، فلولا أن ظاهر تصرفه يدل على ملكه لم يجز له أن يدعي أنه ملكه إذا انتقل إليه بالبيع (2). وتبعه ابن البراج (3)، وأبو الصلاح (4).
وقال في المبسوط: فأما إن كان في يده دار يتصرف فيها مطلقا من غير منازع بالهدم والبناء والإجارة والإعارة وغير ذلك فيسوغ للشاهد أن يشهد له باليد بلا إشكال، وأما بالملك المطلق فلا تخلو المدة من أحد أمرين: إما أن تكون طويلة أو قصيرة، فإن كانت طويلة مرت عليه السنون على صورة واحدة