والوجه عندي الثاني.
لنا: إن شرط قبول البينة والحكم بها العدالة فالجهل بها جهل بالشرط فلا يجوز الحكم، وأصالة العدالة ممنوع في مثل هذا، لاشتماله على التسلط على الغير بسبب لم يثبت.
مسألة: قال الشيخ في المبسوط: القضاء لا ينعقد لأحد إلا بثلاث شرائط:
أن يكون من أهل العلم والعدالة والكمال، ولا يكون عالما حتى يكون عارفا بالكتاب والسنة والإجماع والخلاف ولسان العرب، فأما الكتاب فيحتاج أن يعرف من علومه خمسة أصناف: العام والخاص، والمحكم والمتشابه، والمجمل والمفسر، والمطلق والمقيد، والناسخ والمنسوخ. أما العموم والخصوص لئلا يتعلق بعموم قد دخله التخصيص كقوله تعالى: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) وهذا عام في كل مشركة حرة كانت أو أمة، وقوله تعالى: (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) خاص في الحرائر فقط (1). وفي هذا القول إشكال.
ثم قال: وأما السنة فيحتاج إلى أن يعرف منها خمسة أصناف: المتواتر والآحاد، والمرسل والمتصل، والمسند والمنقطع، والعام والخاص، والناسخ والمنسوخ، ويحتاج أن يعرف لسان العرب، لأن صاحب الشريعة خاطبنا به.
وقال قوم: لا يلزمه أن يكون عارفا بجميع الكتاب، بل يكفي أن يعرف من ذلك الآيات المحكمة. وقيل: إن جميع ذلك خمسمائة آية، وذلك يمكن معرفته، والسنة يكفي أن يعرف ما يتعلق بالأحكام من سنته - عليه السلام - دون آثاره وأخباره، فإن جميع ذلك لا يحيط به أحد علما، وما قلناه مدون في الكتب في