وهذا أخذه من كلام شيخنا المفيد فإنه قال: وإن أبى لم يكن للحاكم أن يشفع إليه فيه - يعني: الإنظار - ولا يشير عليه بإنظاره ولا غيره، ولكن يبت الحكم فيما بينهما (١). وكذا قال الشيخ في النهاية (٢).
وقال ابن إدريس: وإن قال: انظره فذلك له، وإن أبى لم يكن للحاكم أن يشفع إليه فيه، ولا يشير عليه بالأنظار، وله أن يأمرهما بالصلح ويشير بذلك، لقوله تعالى: (والصلح خير) وما هو خير فللانسان فعله (٣) بغير خلاف من محصل، وقد يشتبه هذا الموضع على كثير من المتفقهة، فيظن أنه لا يجوز للحاكم أن يأمر بالصلح ولا يشير به، وهذا خطأ من قائله. وشيخنا أبو جعفر في مبسوطه قد أفصح عن ذلك وحققه وذهب إليه فقال: إذا ترافع إليه نفسان وكان الحكم بينهما واضحا لا إشكال فيه لزمه أن يقضي بينهما، ويستحب أن يأمرهما بالمصالحة، وإن كان حكمهما مشكلا آخره إلى البيان (٤).
والوجه ما قاله الشيخ في المبسوط (٥)، لعموم قوله تعالى: ﴿لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس﴾ (6).
مسألة: قال الشيخان: فإن ابتدأ أحدهما بالدعوى على صاحبه سمعها ثم أقبل على الآخر فسأله عما عنده فيما ادعاه خصمه (7). وبه قال ابن إدريس (8).
وقال في المبسوط: كل موضع تحررت الدعوى فهل للحاكم مطالبة المدعى عليه بالجواب من غير مسألة المدعي أم لا؟ قال قوم: لا يطالبه بالجواب بغير