وقال في كتاب المزارعة من الخلاف: إذا اختلفا فقال الزارع: أعرتنيها وقال رب الأرض: بل أكريتكها وليس مع واحد منهما بينة حكم بالقرعة، وللشافعي قولان: أحدهما - وعليه أكثر أصحابه -: إن القول قول الزارع.
وكذلك في الراكب إذا ادعى أن صاحب الدابة أعاره إياها، وهذا الذي يقوى في نفسي. دليلنا على الأول: إجماع الفرقة على أن كل مجهول مشتبه فيه القرعة، وهذا من ذلك. وأما على ما قلناه ثانيا هو: أن الأصل براءة الذمة، وصاحب الدابة والأرض يدعي الأجرة فعليه البينة، فإذا عدمها كان على الراكب والزارع اليمين (1).
وقال في باب المزارعة من المبسوط: القول قول رب الأرض مع يمينه لو ادعى الإجارة وادعى الزارع العارية، لجريان العادة بإكراء الأرض، ثم قال:
والأحوط أن تستعمل القرعة (2).
وقال ابن إدريس: لا يقبل قول المالك في قدر ما ادعاه من الأجرة ولا قول الراكب في العارية فالواجب أجرة المثل عوضا عن منافع الدابة، وكذا البحث في الأرض إذا اختلف المالك والزارع، ثم نقل كلام شيخنا في الخلاف. واستقرب الرجوع إلى القرعة، لأنها في المشتبه، وهذا بين من أن على المدعي البينة. وما اختاره الشيخ ثانيا قال: إنه خيرة الرأي، ولا أستجمل من الشيخ هذين القولين، وأمر بأن يلحظ ذلك (3).
والشيخ - رحمه الله - إنما التجأ إلى القرعة، لأن المالك يدعي عقدا والمستعير يدعي استيفاء منفعته بغير عوض، ولا ترجيح لأحدهما ولا بينة فحصل