والذي تقتضيه الأدلة، وأصول المذهب أن القول قول المدعى عليه، وهو المستعير مع يمينه بالله تعالى، لأن الأصل براءة ذمته، ويعضد ذلك قول الرسول عليه السلام المجمع عليه، وهو قوله: " على المدعي البينة، وعلى الجاحد اليمين " ومالكها مدع بغير خلاف، والمستعير الجاحد، فعليه اليمين، ولا يرجع عن الأدلة بأخبار الآحاد، ولا بما يوجد في سواد الكتب مطلقا من الأدلة.
وإذا اختلف مالك الدابة وراكبها، فقال المالك: آجرتكها أو غصبتنيها، وقال الراكب: بل أعرتنيها، فلا يقبل قول المالك في مقدار ما ادعاه من الأجرة، ولا يقبل قول الراكب فيما ادعاه من العارية، بل يوجب عليه أجرة المثل، لأنا قد تحققنا ركوب الدابة، والراكب يدعي العارية، يحتاج إلى بينة، والمالك يدعي عقد إجارة وأجرة معينة، يحتاج أيضا إلى بينة، فإذا عدمنا البينات على ذلك، وقد تحققنا ركوب الدابة، فالواجب في ذلك أجرة المثل، عوضا عن منافع الدابة المتحققة، فمن أسقطها يحتاج إلى دليل.
وكذلك الحكم إذا اختلف مالك الأرض وزارعها، حرفا فحرفا.
وقال شيخنا أبو جعفر في مسائل الخلاف، في كتاب العارية: القول قول الراكب والزارع للأرض، دون صاحب الدابة وصاحب الأرض (1) إلا أنه رحمه الله رجع في كتاب المزارعة من مسائل الخلاف عن ذلك، وقال: مسألة: إذا زرع أرض غيره، ثم اختلفا، فقال الزارع: أعرتنيها، وقال رب الأرض: بل أكريتكها، وليس مع واحد منهما بينة، حكم بالقرعة، وللشافعي فيه قولان، وعليه أكثر أصحابه، أحدهما: أن القول قول الزارع، وكذلك في الراكب إذا ادعى أن صاحب الدابة أعاره إياها، وهو الذي يقوى في نفسي. والقول الثاني: أن القول قول رب الأرض والدابة، وحكى أبو علي