المنهي إلا بعد حصول علمه به، وهكذا أبواب نواهي الشرع كلها، ولهذا لما بلغ أهل قبا أن القبلة قد حولت إلى الكعبة وهم في الصلاة داروا وبنوا على صلاتهم ولم يؤمروا بالإعادة، وكذلك نهي الموكل وكيله عن التصرف ينبغي أن لا يتعلق به حكم في حق الوكيل إلا بعد العلم. ثم قال: وهذا القول أقوى من الأول، وقد رجحناه في الكتابين (1).
وأصح ما بلغنا في هذا الباب ما رواه هشام بن سالم، عن الصادق - عليه السلام - عن رجل وكل آخر في إمضاء أمر من الأمور وأشهد له بذلك شاهدين فقام الوكيل فخرج لإمضاء الأمر فقال: اشهدوا أني قد عزلت فلانا عن الوكالة، فقال: إن كان الوكيل قد أمضى الأمر الذي وكل عليه قبل أن يعزله عن الوكالة فإن الأمر واقع ماض على ما أمضاه الوكيل، كره الموكل أم رضي، قلت: فإن الوكيل قد أمضى الأمر قبل أن يعلم العزل أو يبلغه أنه قد عزله عن الوكالة فالأمر واقع ماض على ما أمضاه؟ قال: نعم، قلت له: فإن بلغه العزل قبل أن يمضي الأمر ثم ذهب حتى أمضاه لم يكن ذلك بشئ؟ قال: نعم إن الوكيل إذا وكل ثم قام عن المجلس فأمره ماض أبدا، إذ الوكالة ثابتة حتى يبلغه العزل عن الوكالة بنفسه أو يشافهه بالعزل عن الوكالة (2).
وقد روى جابر بن يزيد ومعاوية بن وهب، عن الصادق عليه السلام - في خبر ضعيف السند - قال: من وكل رجلا على إمضاء أمر من الأمور فالوكالة ثابتة أبدا حتى يعلمه بالخروج منها كما أعلمه بالدخول فيها (3).