فإن غصب عبدا فرده وهو أعور، واختلفا، فقال سيده: عور عندك، وقال الغاصب: بل عندك، فالقول قول الغاصب، لأنه غارم ومدعى عليه.
وقال بعض أصحابنا: فإن اختلفا في هذا والعبد قد مات ودفن، فالقول قول سيده أنه ما كان أعور.
والفصل بينهما أنه إذا مات ودفن، فالأصل السلامة، حتى يعرف عيب، فكان القول قول السيد، وليس كذلك إذا كان حيا، لأن العور موجود مشاهد، فالظاهر أنه لم يزل حتى يعلم حدوثه عند الغاصب.
والذي يقوى عندي أن القول قول الغاصب، لأنه غارم في المسألتين معا، ومدعى عليه، والأصل براءة الذمة، فمن شغلها بشئ أو علق عليها حكما، يحتاج في إثباته إلى دليل، وهذا الذي ذكره بعض أصحابنا، تخريج من تخريجات المخالفين ومقايسهم واستحساناتهم.
والذي تقتضيه أصول مذهب أهل البيت عليهم السلام ما ذكرناه واخترناه، فليلحظ بالعين الصحيحة.
فإن غصب عبدا ومات العبد واختلفا، فقال الغاصب: رددته حيا فمات في يدك أيها المالك، وقال المالك: بل مات في يدك أيها الغاصب من قبل أن ترده إلي، وما رددته إلي إلا ميتا، وقال الغاصب: رددته حيا. فالذي عندي ويقوى في نفسي، أن القول قول المالك مع يمينه، وعلى الغاصب البينة، لأنه المدعي لرد الملك بعد إقراره بغصبه، وكونه في يده حيا، والمالك منكر للرد وجاحد له، ومدعى عليه، فالقول قوله، لأن الإجماع منعقد على أن على المدعي البينة، وعلى الجاحد اليمين، وهذا داخل تحت ذلك، فإن أقام كل واحد منهما بينة، سمعت بينة المدعي للموت، لأن الرسول عليه السلام جعلها في جنبته، ولأن بينته تشهد بشئ ربما خفي على بينة الغاصب، وهو الموت، فهذا تحرير الفتيا في هذا السؤال.
وقال شيخنا أبو جعفر في مبسوطه: فإن غصب عبدا ومات العبد فاختلفا،