ذهبا غير جدة ويأخذ من صاحبه ذهبا كوفية مقطعة. وتلك الكوفية مكروهة عند الناس. فيتبايعان ذلك مثلا بمثل: إن ذلك لا يصلح.
قال مالك: وتفسير ما كره من ذلك، أن صاحب الذهب الجياد أخذ فضل عيون ذهبه في التبر الذي طرح مع ذهبه. ولولا فضل ذهبه على ذهب صاحبه، لم يراطله صاحبه بتبره ذلك، إلى ذهبه الكوفية. فامتنع. وإنما مثل ذلك كمثل رجل أراد أن يبتاع ثلاثة أصول من تمر عجوة. بصاعين ومد من تمر كبيس. فقيل له: هذا لا يصلح. فجعل صاعين من كبيس، وصاعا من حشف. يريد أن يجيز، بذلك، بيعه. فذلك لا يصلح لأنه لم يكن صاحب العجوة، ليعطيه صاعا من العجوة بصاع من حشف. ولكنه إنما أعطاه ذلك، لفضل الكبيس. أو أن يقول الرجل للرجل: بعني ثلاثة أصوع من البيضاء. بصاعين ونصف من حنطة شامية. فيقول: هذا لا يصلح إلا مثلا بمثل. فيجعل صاعين من حنطة شامية.
وصاعا من شعير. يريد أن يجيز، بذلك، البيع فيما بينهما. فهذا لا يصلح. لأنه لم يكن ليعطيه بصاع من شعير، صاعا من حنطة بيضاء، لو كان ذلك الصاع مفردا. وإنما أعطاه إياه لفضل الشامية على البيضاء. فهذا لا يصلح. وهو مثل ما وصفنا من التبر.
قال مالك: فكل شئ من الذهب والورق والطعام كله. الذي لا ينبغي أن يباع إلا مثلا بمثل فلا ينبغي أن يجعل مع الصنف الجيد من المرغوب فيه، الشئ الردئ المسخوط، ليجاز البيع. وليستحل بذلك ما نهى عنه من الامر الذي لا يصلح، إذا جعل ذلك مع الصنف المرغوب فيه. وإنما يريد صاحب ذلك أن يدرك بذلك، فضل جودة ما يبيع.