الثالث: في الماء الجاري وهو السائل على وجه الأرض، النابع منها، أو ما نبع منها ولم يكن بئرا، وهو لا ينجس بملاقاة النجاسة، إلا إذا تغير أحد أوصافه الثلاثة.
أما عدم التنجس إذا لم يتغير فهو في الجملة إجماعي، لكن العلامة اشترط كريته في أكثر كتبه (1).
لنا: الاجماع، نقله ابن زهرة (2) والمحقق (3)، وهو ظاهر كلام الشيخ في الخلاف (4)، وفي الذكرى: إنه لم يقف على مخالف ممن سلف (5).
وأصالة البراءة والطهارة الثابتة بالأخبار، مثل: " كل ماء طاهر حتى تعلم أنه قذر " (6) و " كل شئ نظيف " (7) ونحوهما.
وقد يتوهم أن المستفاد منهما إنما هي الطهارة إذا شك في عروض النجاسة، لا في كون الشئ سببا للنجاسة شرعا، فإن الحمل على أن الجهل بالحكم الشرعي موجب للطهارة بعيد غير مأنوس.
وفيه نظر واضح، فإن الجهل بالحكم الشرعي لا يوجب ذلك مطلقا، بل بعد استفراغ الوسع وبذل الجهد، كما في أصل البراءة، وهو نظير قوله عليه السلام:
" كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهى " (8).