وربما يقال: مدلول النص الغسل بالتراب، فإما يرتكب المجاز في الغسل أو في التراب، ولا ترجيح لأحدهما.
أقول: ولعل مبنى كلام ابن إدريس على اختيار المجاز في المجموع، ومجازان قريبان خير من حقيقة ومجاز بعيد.
وبالجملة فحمل اللفظين على الحقيقة لا يتمشى ظاهرا إلا على جعل الباء للملابسة، فقد يمكن فيه الاكتفاء بأدنى ملابسة، فيصدق بالغسل الحقيقي مع استعمال شئ من التراب لا يخرج الغسل عن الحقيقة.
ولكن الأظهر جعله للاستعانة، وهو ظاهر في استقلال المستعان به في الآلية، مثل كتبت بالقلم، فلا يكتفي بأدنى ملابسة مع بقاء الحقيقة، ولا يتصور ذلك مع إبقاء اللفظين على حقيقتهما، ولا ترجيح لاختياره في أحد اللفظين، مع كونه مرجوحا بالنسبة إلى اختياره فيهما كما أشرنا.
وكيف كان فمذهب ابن إدريس أظهر من اللفظ.
ومع قطع النظر عما يفهم من ظاهر كلامه من تحصيل الحقيقة، إن أريد مع ذلك تحصيل الحقيقة، فلا بد أن لا يخرج الماء من الإطلاق على القول باشتراط تحقق الغسل بالماء المطلق، إلا أن يكتفى بصدق الاسم حقيقة قبل المزج وإن خرج بالمزج عن الحقيقة، ولكن هذا إنما يتم على جعل الباء بمعنى المصاحبة والملابسة لا الاستعانة.
والاحتياط في الجمع بين التعفير بالتراب أولا ثم بالممزوج ثم غسله مرتين.
ثم إن الظاهر من الرواية عدم لزوم الدلك بالتراب، سيما إذا لم نقل بلزومه في الغسل، فيكفي الصب والتحريك والإفراغ، وإلا فيشكل الأمر في مثل الكوز من الأواني الضيقة الرأس.
والأظهر عدم جواز العدول إلى غير التراب من الرماد والنورة والأشنان اختيارا، بل ولا اضطرارا، اقتصارا على النص، وتضعيفا للعلة المستنبطة.