ولكن ذلك إنما يتم في الغسل، وأما في المسح فيضر الجفاف، للزوم استئناف الماء، وهو غير جائز إجماعا كما تقدم، وكلام الصدوقين أيضا لا يفيد ما ذكر إلا في الغسل. وابن الجنيد أيضا إنما كان يجوز الاستئناف في حال الضرورة بالمعاني المتقدمة، وما نحن فيه ليس منها بالفرض.
وأما الضرورة بمعنى عدم الإمكان فالكلام فيه قد تقدم.
أما الدليل على مراعاة الجفاف فهو الاجماع، وصحيحة معاوية بن عمار (1)، وموثقة أبي بصير (2)، ومرسل الصدوق المتقدم في عدم جواز استئناف الماء للمسح (3)، وغيرها.
ولكنها واردة فيما حصل الجفاف لانقطاع الماء في البين، أو عروض حاجة، أو حصول نسيان، فلا تدل على اعتباره في جميع الأوقات. والإجماع المركب منتف لما عرفت من كلام الصدوقين ومن تبعهما. مع أن كلام أصحابنا القائلين بالاعتبار لا ينافيه (كما بينا) (4)، فلا يبعد الاقتصار على مورد الأخبار، للأصل، والإطلاقات، وصدق الامتثال.
وأما اعتبار التتابع، فذكروا له أدلة ضعيفة، أقواها قوله عليه السلام: " إن الوضوء لا يبعض " في موثقة أبي بصير (5)، وقوله: " أتبع وضوءك بعضه بعضا " في حسنة الحلبي (6)، وفعلهم عليهم السلام في الوضوءات البيانية.
وكلها مدخولة، فإن الظاهر من الأول التبعض باليبس لا مطلقا، ومن الثاني