الإجازة له يقتضي الملك، لأن الحق أعم منه، فتصرف الموصي في حكمه، وإجازة الوارث في معنى اسقاط حقه، ولأنه لو برأ من مرضه نفذت تصرفاته المنجزة مع كونها كانت متوقفة على إجازة الوارث كالوصية، ولم يفتقر إلى الاستيناف فدل على اعتبار ما وقع من الموصي لا على فساده، وبهذا ترجح كونها تنفيذا "، ومما علل به الاحتمال الآخر، انتقال الحق إلى الوارث بالموت، وزوال ملك الموصي، وأن تصرف الموصي في الزائد عن الثلث منهي عنه، والنهي يقتضي الفساد، لأن الزيادة حق الورثة فيلغوا تصرف الموصي فيها، وتكون العطية من الوارث.
وأجاب عن ذلك في المسالك بالمنع من كون التلفظ بالوصية منهيا عنه، وكون النهي في ذلك يقتضي الفساد، ولو سلم فإنما يقتضيه لو لم يخسر الوارث ونمنع من كون الزيادة حقا للورثة، بل هي ملك الموصي، غايته أن حقهم قد تعلق بها، ومع الإجازة تسقط كإجازة المرتهن تصرف الراهن، إنتهى.
أقول: لا يخفى عليك ما في هذه التعليلات العلية من الطرفين، من عدم الصلوح لتأسيس الأحكام الشرعية في البين، إلا أن ما علل به الاحتمال المذكور وإن كان خلاف ما عليه الجمهور هو الأقرب إلى الأخبار، والأنسب بالاعتبار.
ومما يدل على ما ادعاه من زوال ملك الموصي عن الزائد، وأن تصرفه منهي عنه، قوله عليه السلام في رواية حمران المتقدمة " لأنه أعتق بعد مبلغ الثلث ما لا يملك، فلا يجوز له ذلك " ومما يؤيد ذلك أيضا قوله عليه السلام في مكاتبة أحمد بن إسحاق المتضمنة للإجازة بعد الموت " فإن تفضلتم وكنتم الورثة كان جائزا " لكم " والمراد الإجازة لما زاد على الثلث، فإن فيه نوع إشارة إلى أن ذلك عطية منهم للموصى له، وتفضل منهم عليه، ويحتمل أن يكون ذلك بالنسبة إلى الموصي بإجازة وصيته، فيكون التفضل عليه.
وبالجملة فإن الأقرب إلى الاعتبار والأنسب بالأخبار، هو ما علل به الاحتمال المذكور، وجميع ما أجيب به عنه وما علل به القول المشهور لا يخلو من القصور،