وأما السباع فالظاهر جواز الوصية بها، لحصول الانتفاع بجلودها وريشها، والمراد بما لا ينتفع به يعني نفعا " معتدا " به في نظر العقلاء بحيث يكون متمولا " فلا تصح الوصية بحبة من حنطة ونحوها، كما لا يصح بيعه ولا المعاوضة به، وفي ذكر قيد الانتفاع بعد الملك الراجع إلى تقييد الملك بذلك إشارة إلى ما هو الظاهر من كون نحو الحبة من الحنطة مملوكا " حتى لا يجوز غصبها من المالك، وإن لم تجز المعاوضة عليها، لعدم التمول.
الثانية: المشهور أنه يتقدر الموصى به بقدر ثلث التركة فما دون، فلو أوصى بما زاد بطل في الزائد إلا مع إجازة الوارث.
ونقل العلامة في المختلف ومن تأخر عنه عن الشيخ علي بن بابويه نفوذ الوصية من الأصل مطلقا، قال في المختلف: وقال علي بن بابويه (رحمة الله عليه):
فإن أوصى بالثلث فهو الغاية في الوصية، فإن أوصى بماله كله فهو أعلم وما فعله، ويلزم الوصي إنفاذ وصيته على ما أوصى، انتهى.
أقول: أما ما ذكروه (رضي الله عنهم) من التقدير بالثلث، فهو مدلول جملة من الأخبار.
ومنها ما رواه في التهذيب عن علي بن عقبة (1) " عن أبي عبد الله عليه السلام " قال:
سألته عن رجل حضره الموت فأعتق مملوكا " له ليس له غيره، فأبى الورثة أن يجيزوا ذلك، كيف القضاء فيه؟ قال: ما يعتق منه إلا ثلثه، وسائر ذلك، الورثة أحق بذلك، ولهم ما بقي ".
وعن محمد بن مسلم (2) " عن أبي جعفر عليه السلام في رجل أوصى بأكثر من الثلث وأعتق مملوكه في مرضه فقال: إن كان أكثر من الثلث رد إلى الثلث وجاز العتق ".