يقضيه عنه، قال في المسالك: والأقوى وجوب الوصية به على المريض، كغيره من الواجبات إن لم يكن له ولي يقضيه عنه، وربما قيل: بعدم وجوب الوصية به لأن الواجب فعله بنفسه أو بوليه لانتفاء الدليل على ما سوى ذلك، وفيه أن علمه بوجوبه واستحقاق العقاب على ترك الواجب اختيارا " مع قدرته على براءة الذمة منه يوجب وجوب الوصية، ليخرج من العقاب بتركه، فإن دفع الضرر عن النفس واجب.
نعم لو كان فوات الواجب لا بتفريط كالغفلة عن الصلاة مع عدم القدرة على القضاء حال الوصية، احتمل عدم وجوب الوصية، إذ لا عقاب على ذلك التفويت، ولا دليل على وجوب الوصية بالقضاء انتهى، وفي الكفاية قال: الأقرب العدم.
أقول: الظاهر قوة ما اختاره في المسالك، لظاهر الأخبار المتقدمة الدالة على أن الوصية حق على كل مسلم، فإن ظاهر لفظ " على " الوجوب، كما ذكرناه في الفائدة الأولى من الفوائد التي ذيلنا بها تلك الأخبار، ويزيد ذلك تأييدا " ما ذكره شيخنا المشار إليه من التعليل، فإنه جيد وجيه كما لا يخفى على الفطن النبيه، وما قربه في الكفاية من العدم ضعيف.
إذا عرفت ذلك فاعلم إذا اجتمعت في الوصية حقوق واجبة مالية وبدنية، وتبرعات، فإن الواجب المالي كما عرفت يخرج من الأصل، وما عداه يخرج من الثلث مقدما " للواجب البدني على المتبرع به، مرتبا في الواجب البدني لو تعدد، الأول فالأول، تم المتبرع به كذلك أن قام به الثلث، أو أجاز الوارث، وإلا سقط، ومع إجازة الوارث الجميع، فالحكم كما ذكر، ومع إجازته البعض يكون مخرجه عن الأصل، فيبدأ به كالواجب المالي لكن لو ضاق المال عنها أعني عن الواجب وعن المجاز، قدم الواجب، لاشتغال الذمة به، ولو لم يكن فيها واجب بل الجميع من الوصايا المتبرع بها قدم الأول فالأول حتى يتم الثلث، سواء رتب بينهما بلفظ " ثم " أو " الفاء "، أو اقتصر على مجرد الترتيب الذكري، وإن عطف