ثم قال في المختلف: والرواية ضعيفة، والمطلوب مستبعد، والأحاديث الصحيحة معارضة لهذه الرواية، مع أن الشيخ تأولها على من لا وارث له، أو على ما إذا أجاز الورثة، ومع ذلك فهي قاصرة عن إفادة المطلوب، فإنا نقول بموجبها فإن المريض أحق بماله ما دام فيه الروح يفعل به ما يشاء في حياته وإذا أوصى به كله جاز، فإن أجاز الورثة بعد ما أوصى به، وإلا فسخت الوصية في الثلثين، وقد روى ابنه في المقنع (1) " أن الصادق عليه السلام سئل عن رجل أوصى بماله في سبيل الله عز وجل، فقال: أطلقه إلى من أوصى له به، وإن كان يهوديا " أو نصرانيا فإن الله عز وجل (2)، يقول: فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه، إن الله سميع عليم " ثم قال عقيب هذه الرواية، ماله هو الثلث، لأنه لا مال للميت أكثر من الثلث "، انتهى.
أقول: لا يخفى على من وقف على ما قدمناه في كتب العبادات في مواضع عديدة من أن الشيخ علي بن بابويه (قدس سره) أكثر ما نذكره سيما من الفتوى الغريبة إنما هو مأخوذ من كتاب الفقه الرضوي، وإن كان على خلاف ما تكاثرت به الأخبار، وهذا الموضع من جملة ذلك، فإن عبارته المذكورة عين عبارة الكتاب حيث قال عليه السلام في الكتاب المذكور (3) " فإن أوصى رجل بربع ماله فهو أحب إلي من أن أوصي بالثلث، فإن أوصى بالثلث فهو الغاية في الوصية، فإن أوصى بماله كله فهو أعلم بما فعله ويلزم الوصي إنفاذ وصيته على ما أوصى به "، انتهى.
وأنت خبير بأن اعتماد هذا الشيخ الجليل على الفتوى بعبائر الكتاب مع مخالفتها للأخبار الكثيرة كما هنا، وقد تقدم أمثاله أيضا في غير موضع أدل دليل على اعتماده على الكتاب المذكور، وجزمه بأنه كلامه عليه السلام، ولكن متأخري