وأما ما استدل به من الحصر في الخبر المذكور فيمكن الجمع بينه وبين هذه الأخبار الدالة على جواز المسابقة بها على الحمل على الفرد الضروري منه الذي يعتد به من حيث يحتاج إليه الجهاد، ونحوه، أو يراد باعتبار الغالب، فإن الغالب من أفراد المسابقة هو هذه الثلاثة، للعلة المذكورة، وإن جاز السبق في غيرها والأخبار المذكورة لا يمكن حملها على التقية، ليتم ما ذكروه، فإن ظاهر قوله في الحديث السابع قال عمر: هو الشيطان بعد قوله عليه السلام لا بأس باللعب بالحمام الظاهر في إرادة المسابقة بها، يشعر بأن العامة تنكر جواز اللعب والمسابقة بها ولهذا استدل عليه السلام على رد كلامهم بالخبر الذي نقله عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الصريح في جواز المسابقة بها، ولم أقف لأحد من أصحابنا حتى من متأخري متأخريهم على الجواب عن هذه الأخبار التي ذكرناها، ولا على قول أحد منهم بها.
وبالجملة فالظاهر هو القول بما دلت عليه الأخبار المذكورة ويؤيده ما اشتملت عليه من عدم منافاة ذلك للعدالة وعدم كونه مستوجبا " للفسق، فإن المراد باللعب بالحمام فيها إما المسابقة، كما هو ظاهر الخبر السابع، أو الأعم، وإذا ثبت أن ذلك لا ينافي العدالة وجب الحكم بجوازه، وأنه لا يكون من قبيل اللعب واللهو المنهي عنه المخل بالعدالة، والموجب للفسق اتفاقا "، وهذا بحمد الله سبحانه ظاهر لا سترة عليه، ولا يأتيه الباطل من خلفه ولا من بين يديه، ومما يدل على ما قنا ما رواه زيد النرسي (1) في كتابه " عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول إياكم والرهان، إلا رهان الخف والحافر والريش فإنه يحضره الملائكة ".
وثانيها أن ما ذكر من أنه يدخل تحت النصل الأربعة المعدودة، ففيه أن ظاهر الصحاح هو اتحاد السهام والنشاب، حيث قال: النشاب السهام، وحينئذ فالعطف هنا يصير من قبيل عطف المرادف.