ولا ايجاب ولا قبول بالكلية، وغاية ما دلت جملة منها على أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أجرى الخيل وسابق وأعطى السابق كذا وكذا، والمفهوم منه هو حل ما يؤخذ من المال على هذه المعاملة وأما كونه على جهة اللزوم والوجوب فلا، إلا إن يقال: بوجوب الوفاء بالشرط، وأن اعطاء المال لا يلزم أن يكون من المسبوق، فإن الظاهر أن اعطاءه (صلى الله عليه وآله) ذلك ليس من حيث كونه مسبوقا، وإنما هو متبرع منه، لمن حصل له مزية السبق.
وظاهر الأخبار المذكورة بل صريحها أن هذه معاملة برأسها، وهي من قبيل الرهان، إلا أنه غير محظور كسائر أفراد الرهان، كما ينادي به الخبر الرابع والخامس والسادس والسابع والعاشر (1) حيث سمي هذه المعاملة فيها رهانا " وأنه رهان حق جائز شرعا، يحل ما أخذ عليه قال في القاموس: والمراهنة والرهان: المخاطرة والمسابقة على الخيل، انتهى وهو ظاهر في المراد.
وحينئذ فقد اتفقت الأخبار وكلام أهل اللغة على هذه التسمية، وتجعل معاملة برأسها كما في أفراد الرهان إلا أنها حق، وما يؤخذ عليها حلال.
وما عداها باطل، وما يؤخذ عليه حرام.
وأما الكلام في لزوم ما يجعل خطرا " فالظاهر ذلك، لما عرفت من وجوب الوفاء بالوعد والوفاء بالشروط، هذا ما يفهم من الأخبار المذكورة، وما أطالوا به في هذا المقام من الاختلاف في كونها إجارة فيتفرع عليها ما يتفرع على الإجارة أو جعالة فكذلك، كله تطويل بغير طائل، وتحصيل لغير حاصل، كما لا يخفى على من لاحظ الأخبار المذكورة، وإنما كلامهم هنا جرى على مجرى بحث العامة في المسألة، وهذه التفريعات والاختلافات كلها تبعا " لهم، كما عرفته في غير مقام مما سبق، ومن رجع إلى الأخبار الواردة في المسألة عرف صحة ما قلناه، ووضوح ما فصلناه، والله العالم.