ولا يتوجه قصده إلى وصية شرعية أصلا، لعدم علمه بها، فالقول هنا بتوقفها على تجديد لفظ يدل على إمضائها متعين، وهو في الحقيقة في قوة وصية جديدة، إذ لا تنحصر في لفظ مخصوص، بل كل لفظ يدل عليها كما سيأتي كاف وهذا منه، انتهى.
أقول: لا ريب أنه بالنظر إلى الظاهر فالأمر كما ذكره من أنه بحسب الظاهر حيث لم يتبين له فساد العتق، ثم لو وصى والحال هذه، فإنه في معنى الهازل أو العابث، ولكن بالنظر إلى الواقع حيث إن العتق فاسد في نفس الأمر وأنه مالك فإنه لا مانع من الصحة، لما قدمنا ذكره من أن مطابقة الواقع وإن لم يتعلق به قصد بل ربما تعلق القصد بغيره كما عرفت من الأمثلة المتقدمة كاف في الصحة.
وما ذكره في الفرق بين بيع المذكور في الصورة الأولى والوصية من أنه في البيع قاصد إلى بيع صحيح إلى آخره، ففيه أن جميع ما وصفه به ونوه به، كله مراعى بإجازة المالك، وأنه مع عدمها يكون العقد باطلا " بلا خلاف، والعقد المزبور قد وقع بعد موت المالك واقعا " كما تقدم، فالإجازة فيه متعذرة، فتحتم أن يكون باطلا "، نعم لما اتفق واقعا " كونه ملكا " للبايع صح العقد بالنظر إلى ذلك.
وبالجملة فإن هذا العقد بالنظر إلى ظاهر الأمر وتصرف الوارث في مال مورثة بالبيع بناء على حياته قد ظهر كونه باطلا " بعدم لحوق الإجازة له، لكن لما اتفق انتقال ذلك إلى الوارث واقعا " وصار ملكا " له وإن لم يعلم به فقد صادف العقد ما يوجب صحته، وإن كان غير مقصود بل المقصود غيره كما عرفت في الصور المتقدمة، وبعين هذا يقال في الوصية: فإنه لما أوصى بشئ لا يملكه ظاهرا "، فإنها بحسب الظاهر باطلة لكن لما صادف في الواقع ما يوجب الصحة، هو ملكه للعبد لبطلان العتق حكم بصحتها بالتقريب المتقدم في أمثلها.
وبالجملة فالظاهر هو القول المشهور، ومناقشاته (قدس سره) في جميع هذه المواضع لا تخلو من القصور، والله العالم.