المقام الثاني في جملة من أحكامها زيادة على ما سبق:
وفيه مسائل: الأولى: إذا وهب وأقبض ثم باع الهبة من آخر فإن كانت لازمة كما في الصورة المتقدمة، فإن المبيع غير متعقد ولا صحيح، لكونه تصرفا " في ملك الغير بغير إذنه، إلا أن يكون من باب البيع الفضولي على القول به، فيتوقف على إجازة المتهب إن قلنا بصحته، وإلا فلا، وإن كانت الهبة جائزة يجوز الرجوع فيها، فهل يصح ويقوم مقام الرجوع فيها فيكون بيعا " ورجوعا " أم لا؟
بل لا بد من الرجوع أولا " ثم البيع، قولان. نقل ثانيهما عن الشيخ (رحمة الله عليه) في المبسوط، وهو اختيار المحقق في الشرايع، وبالأول صرح العلامة في الإرشاد والقواعد.
احتج القائل بالعدم بأن الهبة قد انتقلت إلى ملك المتهب بالعقد، وإن كان انتقالا " متزلزلا " قابلا " للزوال بالفسخ، فبيعه قبل الفسخ وقع في ملك الغير، لأنه باع ما لا يملكه.
احتج القائل بالصحة بأن الأصح صحة البيع، وهو متضمن للرجوع، والمسألة خالية من النص، إلا أن الأقرب بالنسبة إلى تعليلاتهم هو القول بالصحة وقول ذلك القائل أنه لا بد من الفسخ أولا " وإلا لكان بيعا " لما لا يملكه مردود، بأنه لا ريب أن إرادة البيع وقصده قبل وقوع العقد ظاهر في إرادة الفسخ ويكون وقوع العقد كاشفا " عن ذلك القصد، فهو بيع بالنظر إلى كشفه عن القصد والإرادة المتقدمين على العقد، فيكون بيعا " متضمنا لفسخ، وأي مانع من ذلك، وإلى هذا القول مال في المسالك، وهو من حيث الاعتبار قوي، وإن كان من حيث عدم وجود النص في المسألة لا يخلو من توقف، ولو كانت الهبة فاسدة صح البيع اجماعا "، كما ادعاه في القواعد، وهو مما لا اشكال فيه مع علمه بالفساد.
أما مع جهله وكون العقد عنده على الظاهر الصحة وإن كان في نفس