قال الشيخ في النهاية إذا أسكن انسان غيره لم يجز للساكن أن يسكن معه غيره إلا ولده وأهله، ولا يجوز له سواهم، ولا يجوز للساكن أيضا " أن يؤاجره ولا أن ينتقل عنه فيسكن غيره إلا بإذن صاحب المسكن، وعلى هذه المقالة جرى من تأخر عنه إلا ابن إدريس، فإنه قال في السرائر بعد نقل كلام الشيخ المذكور:
والذي يقتضيه أصول المذهب أن له جميع ذلك، اخلافه وإجارته وانتقاله عنه واسكان غيره معه سوى ولده وامرأته سواء أذن له في ذلك أم لم يأذن إذا كان أول ما أسكنه قد أطلق السكنى لأن منفعة هذه الدار استحقها، وصارت مالا من أمواله، وحقا " من حقوقه، فله استيفائها كيف شاء بنفسه وبغيره، وما أورده شيخنا أبو جعفر (رحمة الله عليه) في نهايته فلا شك أنه خبر واحد قليلا ما يورده أصحابنا في كتبهم، فشيخنا المفيد (رحمة الله عليه) لم يورده في مقنعته، ولا السيد المرتضى (رضي الله عنه) ولا المحصلون من أصحابنا، انتهى.
احتج الأصحاب على ما ذكروه بأن الأصل عصمة مال الغير، وحفظه عن تسلط غير المالك، خرج عنه المسكن بالإذن وأهله وأولاده قضية للعرف، فصار كالمأذون فيه مطلقا؟ بقي الباقي على أصل المنع و أجابوا عما ذكره بالمنع عن الاستحقاق المطلق، بل إنما يستحق على ما جعل له، و هو السكنى فلا يتناول الإجارة وغيرها، لعدم الإذن فيه مطلقا "، وعرفا ".
وتنظر فيه في المسالك، ولم يذكر وجه النظر، ثم قال: وكيف كان فالعمل على القول المشهور، وإن كان كلام ابن إدريس لا يخلو من قوة.
أقول: لا يخفى أنه ليس في ش ء من أخبار المسألة ما يدل على هذا الحكم المذكور بوجه، فقول ابن إدريس أن ما أورده الشيخ في النهاية خبر واحد، إنما هو من قبيل ما قدمنا ذكره في غير موضع من أنه لما كان أكثر ما يذكره الشيخ في هذا الكتاب قد جرى فيه على ما أورد في الأخبار، ظن ابن إدريس أن جميع ما في الكتاب من فتاوى الشيخ من ذلك القبيل، وإلا فهذه أخبار المسألة