بالكلية، وإزالة التسلط عن العبد بالنسبة إلى كل أحد والمنع من البيع، لا يقتضي الخروج عن الملك، كأم الولد.
وأما القول بالتفصيل فاستدل عليه في المسالك قال: بعد أن اختار القول بالانتقال عن الواقف لكن هذا إنما يتم في الموقوف عليه المعين المنحصر، أما لو كان على جهة عامة أو مسجد أو نحوه فالأقوى أن الملك فيه لله تعالى لتساوي نسبة كل واحد من المستحقين إليه، واستحالة ملك كل واحد، أو واحد معين، أو غير معين للاجماع، واستحالة الترجيح، ولا المجموع من حيث هو مجموع، لاختصاص الحاضر به، انتهى.
أقول: لا يخفى على من راجع الأخبار وقطع النظر عن كلامهم فإن المستفاد منها أنه متى كان الموقوف عليه موجودا " منحصرا " فإنه ينتقل الملك إليه، ولهذا دلت على اشتراط قبضه، أو قبض وليه، ليتم بذلك الملك، ويمتنع الرجوع فيه كما تقدمت الأخبار به ومتى كان الموقوف عليه جهة عامة كالفقراء أو مصلحة كالمساجد فإن غاية ما يفهم منها هو أنه بالوقف يخرج من ملك الواقف، وأما أنه يصير إلى الله سبحانه أو غيره فلا دلالة في شئ من الأخبار عليه، وإنما يدل على أنه بعد الوقف وخروجه عن ملك الواقف يجب ابقاء العين، ولا يجوز التصرف فيها ببيع ولا هبة ولا ميراث ولا نحو ذلك من الأمور الموجبة لاخراجها عما صارت إليه وصرف حاصلها في تلك الجهة، أو المصلحة المعينة.
وأما أنه يشترط القبض فيها كما هو المشهور من أن القبض شرط في صحة الوقف مطلقا "، فيجب القبض هنا من القيم الذي ينصبه الواقف، أو الحاكم الشرعي أو غير ذلك، فلا دليل عليه في الأخبار، ومورد القبض فيها إنما هو فيما إذا كان الموقوف عليه موجودا " معينا " محصورا "، على أن المراد من كونه في هذه الصورة ملكا لله كما صرح به في المسالك إنما هو الكناية عن عدم انتقاله إلى أحد من الآدميين.