ورواية " النورة سترة " ضعيفة ومع الاغماض عن ضعفها فالاطلاق إنما يحمل على الأفراد الغالبة الشائعة دون الفروض النادرة كما تقرر في غير مقام، ورواية علي بن جعفر لا دلالة لها على التخيير مع وجود الثوب إذ موردها عدمه.
ومن ذلك يعلم دليل القول بوجوب الثوب ثم التخيير بين الثلاثة الباقية مع عدمه وهو القول الثاني، وتقريب الاستدلال أن المتبادر من الأمر بالساتر هو الثوب فلا يجوز غيره مع وجوده، ومع فقده فوجه التخيير بين الثلاثة الصحيحة المذكورة بحمل ذكر الحشيش في أولها على التمثيل كما يشير إليه قوله في آخرها " وإن لم يصب شيئا يستر به عورته " مما يدل على ما هو أعم من الحشيش، وقد عرفت من الأخبار أن النورة سترة، وبذلك يثبت التخيير بين الأفراد الثلاثة بعد فقد الثوب.
ويمكن المناقشة في دعوى تبادر الثوب من الأمر بالساتر بأن المتبادر إنما هو التغطية على وجه لا يمكن النظر إليه، والحكم بالتستر بالحشيش في الرواية وقع تابعا للسؤال وهو تعذر الثوب وذلك لا يقتضي عدم جواز الستر به عند إمكان الثوب.
ويمكن دفعه بأن انكار دعوى تبادر الثوب من الساتر مجازفة ظاهرة إذ لا ريب أن ما جرت به العادة بعد وقت التكليف بل منذ خلقت الدنيا إنما هو الستر بالثياب ودعوى خلاف ذلك مباهتة لا ينبغي الاصغاء لها. وأما ما ذكره بالنسبة إلى الرواية فيكفينا فيها عدم الدلالة على التخيير مع وجود الثوب فإن هذا القائل إنما يستدل بها على التخيير في الثلاثة بعد فقد الثوب كما عرفت. وبذلك يظهر لك قوة القول الثاني.
واستبعد في المدارك مساواة الطين للورق والحشيش كما هو مذهب أصحاب القول الثاني، ولم يذكر وجه البعد في ذلك مع دلالة أخبار النورة على الستر به والطين مثله، ولا وجه لتقديم الورق والحشيش عليه كما يدعيه. وكلامه ظاهر في اختيار ما ذهب إليه الشهيد في الدروس كما تقدم.
ويمكن توجيه الدليل لهذا القول أما بالنسبة إلى وجوب تقديم الثوب فيما عرفت