أمكن من حشيش ونحوه وإنما الخلاف مع وجوده، ثم على الأول فهل يفرق في ما عداه أم لا بل يتخير؟ وتفصيل الكلام في المقام أنه قد اختلف الأصحاب في المسألة فالمشهور - وإليه ذهب الشيخ وابن إدريس والفاضلان والشهيد في البيان - أنه يتخير بين الثوب والحشيش والورق والطين وليس شئ من هذه الثلاثة مقيدا بحال الضرورة، كذا نقله شيخنا في كتاب بحار الأنوار، وفي الذخيرة أن المشهور المنسوب إلى هؤلاء المذكورين إنما هو وجوب تقديم الثوب ثم التخيير بين الثلاثة المذكورة، ويؤيده أن الذي في البيان إنما يساعد ما نقله في الذخيرة، وعبارة العلامة في الإرشاد ظاهرة في التخيير مطلقا، وهو ظاهر شيخنا الشهيد الثاني في الروض، وكذا في القواعد على ما نقله عنه في الذخيرة وظاهر عبارتي المعتبر والمنتهى التخيير في الأربعة المذكورة كما نقله شيخنا المجلسي، وذهب الشهيد في الدروس إلى وجوب الثوب ومع تعذره فكل ما يستر العورة ولو بالحشيش وورق الشجر ومع تعذره فبالطين، وذهب في الذكرى إلى التخيير بين الثوب والحشيش والورق فإن تعذر فبالطين وقد تلخص من ذلك أن في المسألة أقوالا أربعة.
والذي وقفت عليه من الأخبار المتعلقة بهذه المسألة صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليه السلام) (1) قال: " سألته عن الرجل قطع عليه أو غرق متاعه فبقي عريانا وحضرت الصلاة كيف يصلي؟ قال إن أصاب حشيشا يستر به عورته أتم صلاته بالركوع والسجود وإن لم يصب شيئا يستر به عورته أومأ وهو قائم ".
احتج القائلون بالقول الأول وهو التخيير بين الأربعة بحصول المقصود من الستر ولرواية علي بن جعفر المذكورة وحديث " النورة سترة " كما تقدم في آخر كتاب الطهارة (2) كذا ذكره شيخنا الشهيد الثاني في الروض.
واستضعف هذا القول في المدارك لميله إلى أن هذه الأشياء إنما تجوز بتعذر الثوب، والظاهر أن وجهه هو دعوى أن المتبادر من الساتر في الأخبار إنما هو الثوب