وتؤكده رواية أبي هارون المكفوف (1) قال: " قال أبو عبد الله (عليه السلام) يا أبا هارون الإقامة من الصلاة فإذا أقمت فلا تتكلم ولا تومئ بيدك ".
وفي موثقة عمرو بن أبي نصر (2) قال: " قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) أيتكلم الرجل في الأذان؟ قال لا بأس. قلت في الإقامة؟ قال لا ".
وما دل عليه بعض الأخبار من جواز الكلام فيها معارض بما دل على إعادتها لو تكلم كصحيحة محمد بن مسلم (3) قال: " قال أبو عبد الله (عليه السلام) لا تتكلم إذا أقمت الصلاة فإنك إذا تكلمت أعدت الإقامة " إلى غير ذلك من المؤيدات لما قلناه ولم أعثر على من تنبه لما قلناه في هذا المقام إلا على مجمل كلام لشيخنا غواص بحار الأنوار حيث قال في الكتاب المذكور بعد نقل الخلاف في وجوب الأذان والإقامة واستحبابهما ما صورته: إذا علمت هذا فاعلم أن الأخبار مختلفة جدا ومقتضى الجمع بينها استحباب الأذان مطلقا وأما الإقامة ففيها اشكال إذ الأخبار الدالة على جواز الترك إنما هي في الأذان وتمسكوا في الإقامة بخرق الاجماع المركب وفيه ما فيه. والأحوط عدم ترك الإقامة في الغداة والمغرب والجمعة ولا سيما في الحضر. انتهى.
وربما تعلق بعضهم هنا بحديث حماد (4) وتعليم الصادق (عليه السلام) له الصلاة حيث لم يشتمل على الأذان ولا الإقامة ولو كانا واجبين لذكرا في مقام البيان. وهو أوهن متشبث لأن ظاهر سياق الخبر - وأمره حمادا بالصلاة بين يديه ثم قوله: " ما أقبح بالرجل منكم.. الخ " ووصف حماد لما فعله (عليه السلام) في تلك الركعتين - أن انكاره (عليه السلام) إنما كان بالنسبة إلى السنن والمستحبات التي وصفها حماد في حكايته فالمقصود بالتعليم إنما هو ذلك ولم يكن القصد إلى تعليمه الواجبات لأن حمادا أجل من أن يجهل الواجبات في ذلك، ألا ترى أنه قال: " أنا أحفظ كتاب حريز في الصلاة "