ومنهم من توقف في ذلك. وقال الشهيد الثاني لا فرق في ذلك بين المعتاد لبقعة معينة وغيره وإن كان اعتياد درس وإمامة، ولا بين المفارق في أثناء الصلاة وغيره للعموم، واستقرب في الدروس بقاء أولوية المفارق في أثنائها اضطرارا إلا أن يجد مكانا مساويا للأول أو أولى منه محتجا بأنها صلاة واحدة فلا يمنع من اتمامها. هذا ملخص ما ذكره الأصحاب (رضوان الله عليهم) في هذا الباب.
وأما الأخبار المتعلقة بذلك فالذي وقفت عليه منها ما رواه ثقة الاسلام في الصحيح عن محمد بن إسماعيل عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (عليه السلام) (1) قال:
" قلت له نكون بمكة أو بالمدينة أو الحير أو المواضع التي يرجى فيها الفضل فربما خرج الرجل يتوضأ فيجئ آخر فيصير مكانه؟ فقال من سبق إلى موضع فهو أحق به يومه وليلته " وعن طلحة بن زيد عن أبي عبد الله (عليه السلام) (2) قال: " قال أمير المؤمنين (عليه السلام) سوق المسلمين كمسجدهم فمن سبق إلى مكان فهو أحق به إلى الليل، وكان لا يأخذ على بيوت السوق كراء ".
وروى بعض أصحابنا عن النبي (صلى الله عليه وآله) (3) " إذا قام أحدكم من محله في المسجد فهو أحق به إلى الليل ".
وظاهر الخبر الأول بقاء حقه في ذلك المكان مدة يوم وليلة. واحتمل بعض الأصحاب كون الواو هنا بمعنى " أو " كما هو شائع الاستعمال أيضا فيصير المعنى أنه أحق بقية يومه إن كانت المفارقة في اليوم وبقية ليلته إن كانت المفارقة في الليل ويؤيده الخبر الثاني والثالث، وكيف كان فظاهر الأخبار الثلاثة بقاء حقه في المدة المذكورة مطلقا سواء كان له رحل أم لا نوى المفارقة أم لا؟ وفيه رد على القول المشهور من حكمهم بزوال حقه بالمفارقة وإن كان ناويا للعود إلا أن يكون له رحل. والظاهر تقييد الأخبار