و (ثالثها) - أن قوله: " لم يتعرض في شئ من تلك الروايات لإدارة العمامة... الخ " مسلم ومنه نشأ الاشكال وحصل في المسألة الداء العضال، حيث إن هذه الروايات كلها اتفقت على أن السنة في العمامة إنما هو الاسدال وتلك الأخبار المعتضدة بكلام أهل اللغة دلت على أن السنة في العمامة هو التحنك بها وهو الإدارة تحت الحنك كما عرفت، وكيف كان فإنهم (عليهم السلام) لم يتعرضوا في هذه الأخبار الأخيرة إلى لفظ التحنك حتى يمكن تفسير التحنك بالاسدال كما زعمه (طاب ثراه) وجعله وجه جمع بين أخبار المسألة. وبحثنا وكلامنا إنما هو في معنى التحنك وهو غير موجود فيها، على أن روايات الاسدال مختلفة فبعضها يدل على اسدال طرف على الصدر وطرف من خلف وبعضها يدل على الاسدال من خلف خاصة، وهو قد حمل الجميع على التحنك مع ظهور أن الاسدال من خلف لا يدخل في التحنك قطعا.
و (رابعها) - أن من العجب قوله بعد نقل كلام السيد رضي الدين بن طاووس (قدس سره) وكلامه الذي في البين " والظاهر من كلام السيد أيضا أن فهمه موافق لفهمنا لأنه قال... الخ " فإن فيه (أولا) أن الخبرين الذين نقلهما عن السيد إنما تضمنا اسدال العمامة من خلف بين الكتفين فكيف يمكن تفسير التحنك الذي هو الإدارة تحت الحنك كما عرفت بالاسدال من خلف؟ ما هو إلا سهو ظاهر نشأ من الاستعجال، وهل يفهم أحد ممن له ذوق فضلا عن السيد المزبور وعن من مثله (طاب ثراه) لولا الاستعجال في هذا المجال دخول الاسدال بين الكتفين تحت التحنك؟ و (ثانيا) أن نقله هنا عن السيد المزبور قد اشتمل على خلل وقصور. فإن ظاهر كلامه هنا ونقله عن السيد أن السيد المذكور قال في الفصل المذكور في التحنك بالعمامة ولم يورد إلا هذين الخبرين فكلامه يدل حينئذ على أنه فسر الاسدال في الخبرين بالتحنك الذي عنون به الفصل، والحال أن الأمر ليس كذلك بل السيد لما عنون الفضل بما ذكره صدره أولا بما يدل على التحنك فقال: روينا ذلك من كتاب الآداب الدينية عن الطبرسي في ما رواه عن مولانا