الاقتعاط: " هو أن يعتم بالعمامة ولا يجعل شيئا منها تحت ذقنه " المؤذن بأن التلحي الذي هو مقابل الاقتعاط هو جعل شئ من العمامة تحت الذقن، وحينئذ فقوله في تتمة كلامه في تفسير التلحي: " هو جعل بعض العمامة تحت الحنك " يعني تحت الذقن والذقن مجمع عظمي اللحيين وأين هذا من الاسدال؟ ومن هاتين العبارتين يعلم ما قلناه من أنه حيثما قيل:
" التحنك إدارة العمامة تحت الحنك " فإن المراد به التطويق وجعلها تحت الذقن بأن يخرج طرفها إلى الجانب الآخر الذي هو غير ما دخلت منه.
و (ثانيها) - أن الحنك على ما يفهم من كلام أهل اللغة إنما هو ما انحدر عن الذقن أو ما حاذاه من داخل الفم، قال في القاموس: الحنك محركة باطن أعلى الفم من داخل والأسفل من طرف مقدم اللحيين. وقال في كتاب مجمع البحرين:
والحنك ما تحت الذقن من الانسان وغيره وأعلى داخل الفم والأسفل في طرف مقدم اللحيين من أسفلهما. انتهى. أقول: ومنه ما ورد في الأخبار من استحباب تحنيك المولود عند الولادة بالتمر أو الحلو أو ماء الفرات أو التربة الحسينية على مشرفها أفضل السلام والتحية (1) بمعنى إدخال ذلك إلى حنكه وهو أعلى داخل الفم، ولا ريب أن الاسدال الذي تضمنته تلك الروايات إنما يمر بأعلى أحد اللحيين من اليسار أو اليمين لا بالأسفل والأسفل من كل من اللحيين هو مجمعهما المسمى بالذقن وهذا هو الذي أشارت إليه العبارتان المتقدمتان، وحينئذ فالتحنك إنما هو عبارة عن المرور بالعمامة على الحنك الذي هو هذا الموضع الذي يرجع إلى الذقن وأين هذا من الاسدال؟ وبذلك يظهر لك ما في قوله: " إن أكثر كلمات اللغويين لا يأبى عما ذكرنا... الخ " فإن فيه (أولا) منع صدق الإدارة لأن طرف العمامة لم يأت من الخلف حتى يحصل إدارته إلى الصدر وإنما أتى من جانب وأسدل من المكان الذي خرج منه، مع تسليمه فالمراد الإرادة تحت الحنك لا مطلقا والحنك قد عرفت معناه والاسدال لا يتصل به ولا يصل إليه.