الأخبار - كما لا يخفى على من جاس خلال الديار - أن الرداء في الصدر الأول ليس إلا من جملة الثياب التي يلبسها الناس يومئذ مثل القميص والقباء ونحوهما لا اختصاص له بمصل ولا غيره فضلا عن أن يكون إماما أو غير إمام، والمستفاد من أخبار هذا الباب أنه يستحب للمصلي إماما كان أو غيره أن يصلي في ثوبين أحدهما فوق الآخر رداء كان الثوب الأعلى أو قباء أو غيرهما، وأنه متى كان ظهره مكشوفا فإنه يستحب تغطيته بأن يضع على عاتقه رداء أو قباء أو نحو ذلك مما يستر ظهره، ولو تعذر فإنه يجزئه ولو مثل حمائل السيف وتكة السروال ونحوهما، وأنه يتأكد ذلك في الموضعين في الإمام، وحينئذ فالسؤال والجواب في صحيحة سليمان بن خالد التي استندوا إليها في استحباب الرداء للإمام لا دلالة فيها على خصوصية الرداء ولا الإمام إلا من حيث السؤال، والكلام فيها إنما خرج مخرج التمثيل وإلا فهما من قبيل الأسئلة الآتية في كل مصل وفي كل ثوب، وبه يظهر أنه لا دلالة في الرواية على ما ادعوه، ويؤيد ذلك ما أشار إليه السيد من الرواية عن أبي جعفر (عليه السلام) وقوله: " إن قميصي كثيف فهو يجزئ أن لا يكون علي إزار ولا رداء " فإن فيه ما يشير إلى عدم استحباب الرداء من حيث هو رداء، ولا ينافي ما ذكرناه من استحباب الثوبين لجواز خروجها مخرج الجواز لأنهم كثيرا ما يتركون المستحبات ويفعلون المكروهات لبيان الجواز كما صرح به غير واحد من الأصحاب.
ثم إن مما يدل على ما ذكرناه من الأحكام مضافا إلى الروايات المتقدمة صحيحة علي بن جعفر المذكورة في كتابه عن أخيه موسى (عليه السلام) (1) قال: " سألته عن الرجل هل يصلح له أن يصلي في قميص واحد أو قباء وحده؟ قال ليطرح على ظهره شيئا. وسألته عن الرجل هل يصلح له أن يؤم في سراويل ورداء؟ قال لا بأس به. وسألته عن المرأة هل يصلح لها أن تصلي في ملحفة ومقنعة ولها درع؟ قال لا يصلح لها إلا أن تلبس درعها. وسألته عن المرأة هل يصلح لها أن تصلي في إزار وملحفة ومقنعة ولها درع؟