ولو وقع بين الموقوف عليهم خلف شديد جاز بيعه، لصحيحة علي بن مهزيار قال: كتبت إليه: أن الرجل ذكر أن بين من وقف عليهم هذه الضيعة اختلافا شديدا وأنه ليس يأمن أن يتفاقم ذلك بينهم بعده، فإن كان ترى أن يبيع هذا الوقف ويدفع إلى كل إنسان منهم ما وقف له من ذلك أمرته؟ فكتب (عليه السلام) إليه بخطه: وأعلمه أن رأيي له إن كان قد علم الاختلاف ما بين أصحاب الوقف أن يبيع الوقف أمثل فليبع، فإنه ربما جاء في الاختلاف تلف الأموال والنفوس (1).
واعلم أن كلام الأصحاب مختلف، فمنهم من شرط في جواز بيعه حصول الاختلاف بين الأرباب وخوف الخراب (2). ومنهم من اكتفى بأحدهما (3) والمذكور في كلام الإمام مجرد الاختلاف، فلعل الوجه العمل به.
وذكر الصدوق بعد الرواية المذكورة: هذا وقف كان عليهم دون من بعدهم، ولو كان عليهم وعلى أولادهم ومن بعد على فقراء المسلمين لم يجز بيعه أبدا (4).
ولا يظهر التخصيص في الرواية.
ولعل نظر الصدوق على أن في صورة التعميم لا ينحصر الحق في الموجودين فكيف يسوغ بيعهم.
ولو لم يقع خلف وكان البيع أنفع لهم قيل: يجوز بيعه (5)، وقيل: لا. والذي وصل إلي في هذا الباب صحيحة علي بن مهزيار قال: كتبت إلى أبي جعفر الثاني (عليه السلام) أن فلانا ابتاع ضيعة فأوقفها وجعل لك في الوقف الخمس ويسأل رأيك في بيع حصتك من الأرض أو تقويمها على نفسه بما اشتراها أو يدعها موقفة؟ فكتب إلي:
أعلم فلانا أني آمره أن يبيع حقي من الضيعة وإيصال ثمن ذلك إلي وأن ذلك رأيي إن شاء الله، أو يقومها على نفسه إن كان ذلك أوفق له (6).