فيكون ذلك من جهة سلب الطهورية.
ورد بأن المني لما لم يثبت مقدره من غير الاجماع كما مر، وما نحن فيه ليس من موارده، فلا مانع من الفرق بين ما صاحبه الجنب وغيره، فالأخبار واردة مورد الغالب من استصحاب المني، مع أنه لا مانع من أن يكون سببه النجاسة الحكمية جعلها الشارع منجسة في البئر نجاسة عينية، أو يكون لزوال النفرة، فإن فهم من الأخبار الاغتسال أو اعتمد على فهم الأصحاب فهو، وإلا فلا يحسن الاعتماد على مثل ذلك.
وقد أغرب بعضهم (1) في دفع التمسك بسلب الطهورية، حيث قال: إن قوله عليه السلام في صحيحة ابن أبي يعفور المتقدمة في أوائل الباب: " لا تقع في البئر ولا تفسد على القوم ماءهم " (2) يدل على حرمة الغسل، فيكون باطلا، فلا يكون غسلا، فلا تكون غسالته رافعة للطهورية.
وجميع هذه المقدمات ممنوعة، سيما وذلك لا يفيد العموم، فإن ظاهر الرواية أنه في غير البئر المباحة له، وظاهر الفقهاء أيضا أن الاغتسال الصحيح موجب لذلك لا الأعم منه، وإلا فيلزم أن يكون مراد كل من ذكر الاغتسال أيضا مجرد المباشرة، وليس كذلك.
والأولى أن يعتبر النزح لمجرد المباشرة كيف ما اتفق، ويسكت عن سببه كما سكت الله عنه. وأما على المختار من استحباب النزح فيكفي للاستحباب مجرد زوال النفرة ونحوه.
ثم هل يرتفع الحدث لو اغتسل؟ فيه وجهان، بل قولان، من جهة أن النزح لسلب الطهورية، ولا يكون إلا مع ارتفاع الحدث وصدق الامتثال، ومن جهة منع المقدمتين.