وما يقال: " من أن الحدث كما ينقض الغسل الكامل فينقض بعضه بطريق أولى " فإن أريد به النقض بمعنى إيجابه الغسل ثانيا فهو كما ترى، وإن أريد به رفع استباحة الصلاة، فيحتاج إلى الطهارة في الجملة، فمقتضى ذلك كفاية الوضوء فقط عنه كما في الأصل.
سلمنا، لكن لم لا يكون ذلك هو البعض الباقي من الغسل، مع أن ذلك لا يتم على أصولنا فإنه قياس، والأولوية ممنوعة، والحجة منه ما كان من باب المفهوم من كلام الشارع.
ولو تمسك بما دل على وجوب الوضوء بحدوث الأحداث من العمومات والإطلاقات، فيعارض بما دل على عدم جواز الوضوء مع غسل الجنابة، هذا.
وقد ظهر لك بما ذكرنا: أن القول الأخير أظهر من غيره بالنظر إلى ظواهر الأدلة.
ومما يبعده أن من لوازم هذا القول جواز الصلاة بمثل هذا الغسل بعد إتمامه، وإن مضى بين الجزأين مقدار عام أو أزيد، ما لم يحصل حدث أكبر بينهما.
والانصاف أن شيئا من تلك الأدلة ليس بحيث يعتمد عليه ويركن إليه في الفتوى، فإن الفرض من الفروض النادرة، ولا ينساق نقض ما تقدم من الغسل من أدلة النواقض، ولا رافعية ما بقي من أدلة الطهارات، ولا إجزاء غسل الجنابة عن الوضوء فيما نحن فيه من الأخبار الدالة على عدم اجتماع غسل الجنابة مع الوضوء، ولا وجوب الوضوء هاهنا من أدلة موجباته، ولا غير ذلك، فإن اعتمد على الرواية كما يظهر من الفقيه ونقله لهذا القول عن أبيه، وعمل جماعة من القدماء على مقتضاها، فهو، وإلا فلا مناص عن الاحتياط، وهو إتمام الغسل وإعادته ثانيا، ثم الوضوء.
أو يعيد ويتوضأ من دون إتمام الأول.
وإتمام الأول إنما هو للاحتياط عن إبطال العمل، وعن أن قصد البطلان لا يصير