وحملوها على الكراهة المغلظة جمعا " بين الأخبار وحينئذ فالواجب هو الوقوف على هذه الأخبار المذكورة الصحيحة الصريحة المعتضدة بعمل الأصحاب واتفاقهم على القول بها حتى يقوم دليل على ما يوجب الخروج عن اطلاقها وعمومها.
نعم قام الدليل بالنسبة إلى الصور التي قدمناها، فذيلناه بالأخبار الدالة على ذلك فوجب استثنائها، وأما فيما نحن فيه فليس إلا هذه الوجوه التي لفقوها، وهي أوهن من بيت العنكبوت، وأنها لأوهن البيوت.
أما الأول ففيه أن الرجوع ليس أكل مال بالباطل، لأنا إنما جوزنا الرجوع بتلك الأخبار الصحيحة الصريحة في جواز الرجوع بعد القبض، فإنها صحيحة صريحة في الرجوع.
نعم قام الدليل من خارج على عدم جواز الرجوع في بعض الموارد، فخصصنا به تلك الأخبار، فبقيت فيما عداه على اطلاقها، بل أكل المال بالباطل إنما يلزم القائل باللزوم، وعدم جواز الرجوع، فإنه متى دلت الأخبار على جواز الرجوع ويرجع الواهب، ولم يدفع إليه بناء على دعوى لزوم الهبة بالتصرف، فإن اللازم من ذلك أكل المتهب لها بالباطل، لمخالفته مقتضى النصوص المذكورة الدالة على استحقاق الواهب لها بعد رجوعه منها.
وأما الثاني ففيه أن العقود منها الصحيح، ومنها الفاسد، ومنها الجائز ومنها اللازم، وقد حققنا سابقا أنه لا يجوز العمل بالآية على ظاهرها لما عرفت، بل الواجب حملها على العقود الأزمة، وما نحن فيه ليس بلازم، لدلالة النصوص الصحيحة واتفاقهم على جواز الرجوع بعد القبض أعم من أن يكون قد تصرف أو لم يتصرف ودعوى كون العقد لازما " هنا بالتصرف مصادرة، لأنه عين المتنازع.
وأما الثالث فمع قطع النظر عن ضعف السند الذي يوجب طرحه باصطلاحهم فضلا " عن أن يصلح للمعارضة، فإنك قد عرفت أن هذا الخبر وما في معناه من الأخبار الدالة على عدم الرجوع بعد القبض قد حملها الأصحاب على الكراهة،