من عموم تلك الأخبار الدالة على جواز الرجوع بعد القبض، كذلك على استثنائهما من عموم الأخبار الدالة على جواز الرجوع قبل القبض، فيقال:
تلزم هبة أحد الزوجين للآخر بمجرد العقد، قبض أو لم يقبض، وإن كان الحكم في غيرهما جواز الرجوع قبل القبض مطلقا "، وبعده إلا في الصورة المتقدمة التي دلت النصوص على استثنائها، وأي مانع من ذلك، إذا اقتضاه الدليل، سيما مع استدلاله عليه السلام بالآيات المذكورة، وهي مطلقة شاملة لما قبض أو لم يقبض.
وكيف كان فالظاهر أنه لا فرق في الزوجين بين الدائم والمنقطع ولا بين المدخول بها وغيرها، ولا بين المطلقة رجعيا " وغيرها، باطلاق النص، أما الباينة فإنها ليست زوجة، والله العالم.
الخامسة فيما لو ضم إليها قصد القربة " ولا ينبغي لمن أعطى لله شيئا " أن يرجع فيه، وما لم يعط لله فإنه يرجع فيه نحلة كانت أو هبة حيزت أو لم تحز " وفي موثق عبيد بن زرارة (1) " ولمن وهب أو نحل أن يرجع في هبته حيز أو لم يحز ولا ينبغي لمن أعطى لله عز وجل أن يرجع فيه " وفي الخبر التاسع " هل لأحد أن يرجع في صدقته أو هبته قال: أما ما تصدق به لله فلا " ويؤيدها جملة من الأخبار المتقدمة في الصدقة، وأنه لا يجوز الرجوع فيما قصد به القربة، وعلل بعض المحدثين بأنه بالقربة قد استحق الثواب، وصار عوضا " فيكون من قبيل الهبة المعوضة التي قد تقدم أنه لا يجوز الرجوع فيها وهو جيد والله العالم.
السادسة التصرف، وقد اختلف الأصحاب (رحمهم الله) في أن تصرف المتهب إذا لم يكن داخلا " في أحد الصور المتقدم ذكرها هل يوجب لزوم الهبة ويمنع رجوع المالك فيها أم لا؟ على أقوال: أحدها عدم تأثير التصرف مطلقا " في لزومها، سواء كان تصرفا " ناقلا " للملك مانعا " من الرد كالاستيلاد، أو مغيرا " للعين