من أنه لا يجوز ولا يصح أو يلزم حتى يقبض، فأي معنى لهذه المقابلة بينهما.
وبالجملة فإني لا أعرف لما ذكره وجها " وجيها، وعلله لسوء فهمي القاصر، وكيف كان فالمسألة لا تخلو من الاشكال، لظهور التعارض بين هذه الأخبار وتصادم التأويلات من الجانبين، وإن كان القول الثاني لا يخلو من قوة، وقد تقدمت الإشارة إلى دلالة الخبر الثاني عشر في ذلك.
قال في الدروس بعد نقل القولين المتقدمين: والروايات متعارضة، ثم قال ولعل الأصحاب أرادوا باللزوم الصحة، فإن في كلامهم اشعارا " ما به، فإن الشيخ قال لا يحصل الملك إلا بالقبض، وليس كاشفا " من حصوله بالعقد، مع أنه قائل بأن الواهب لو مات لم تبطل الهبة، فيرتفع الخلاف، انتهى.
واعترضه في المسالك قال: وفيه نظر، لمنع تعارض الروايات على ما قد سمعت، فإن الجمع بينهما ممكن، وإرادة جميع الأصحاب من اللزوم الصحة غير واضع فإن العلامة في المختلف نقل القولين واحتج لهما، ثم اختار الثاني فكيف يحمل على الآخر، نعم كلام الشيخ الذي نقله متناقض، وليس حجة على النافين فإن الخلاف متحقق.
أقول: ما ذكره من منع تعارض الروايات إن كان بالنظر إلى تأويله الخبر الذي هو مستند القائلين بالقول الثاني فقد عرفت ما فيه، فإن تأويله في غاية البعد كما أوضحناه، وإن كان غير ذلك فليس في كلامه ما يدل عليه.
والتحقيق أن التعارض ثابت، وأوضحناه في معاني الأخبار المذكورة، وأما باقي ما ذكره فهو جيد، والعجب هنا من العلامة في التذكرة حيث قال: الهبة والهدية والصدقة لا يملكها المتهب والمهدي إليه والمتصدق عليه بنفس الإيجاب والقبول إذا كان عينا " إلا بالقبض، وبدونه لا يحصل الملك عند علمائنا أجمع، انتهى.
وهو صريح في دعوى الاجماع على أن القبض شرط في الصحة، وهو وإن مؤذنا " بصحة ما ادعاه في الدروس، إلا أن الخلاف مشهور كما عرفت، والشيخان