العلامة من أنه لا نزاع بينهما إلا في اللفظ حيث أن الشيخ (رحمة الله عليه) فرض سلب منافعها كما يقتضيه دليله، وابن إدريس فرض وجودها غير الثمرة، فلا يخلو من حيف على ابن إدريس، لأن دليل الشيخ اقتضى ادعاءه، عدم المنافع حينئذ، لا على تقدير عدم المنافع، ففيه قصور بين، وحينئذ فالتفصيل أجود، انتهى.
والظاهر أن ما ذهب إليه ابن إدريس هو المشهور بين المتأخرين، استنادا " إلى عدم جواز بيع الوقف، أما على مذهب ابن إدريس فإنه يمنع منه مطلقا "، وأما على المشهور فإنهم إنما يجوزونه في الصورة المتقدمة، وهذا ليس منها، والشيخ إنما جوزه بدعوى عدم حصول النفع الذي هو الغرض من الوقف، فيجوز البيع حينئذ، لبطلان الوقف، ومتى ثبت وجود النفع كما ادعاه ابن إدريس فلا يصح البيع، بل يبقى وقفا " على حاله، وما ذكر من الكلام في المقام يجري أيضا " في حصيرا المسجد إذا خلق، وجذعه إذا انكسر، وتعذر الانتفاع به فيه أو في غيره.
قال في المسالك: ومتى جاز البيع وجب أن يشتري بقيمته ما يكون وقفا " على الأقوى، مراعيا " للأقرب إلى صفة الأول فالأقرب، ونقل في المختلف عن ابن الجنيد أنه قال: والوقف رقيقا " أو ما يبلغ حاله إلى زوال ما سلبه من منفعته، فلا بأس ببيعه، وابدال مكانه بثمنه إن أمكن ذلك، أو صرفه فيما كان يصرف فيه منفعته، أورد ثمنه على منافع ما بقي من أصل ما حبس معه، إذا كان في ذلك الصلاح، ثم قال: وهو الأقوى عندي.
أقول: قد تقدم في مسألة بيع الوقف المشار آنفا " من كتاب البيع (1) ما يؤذن بالمناقشة في ذلك، فليراجع، والله العالم.
الثامنة قالوا: إذا آجر البطن الأول مدة، ثم انقرضوا في أثنائها، فإن قلنا الموت يبطل الإجارة فلا كلام، وإن لم نقل فهل يبطل هنا فيه تردد، أظهره البطلان، لأنا بينا أن هذه المدة ليست للموجودين، فيكون للبطن الثاني الخيار