والثالث كالوقف على مسجد في قرية صغيرة أو على مدرسة كذلك بحيث يحتمل انقطاع مصلحته كما يحتمل دوامها، وفي حملها على أي الجهتين نظر، من أصالة البقاء فيكون كالمؤبد، والشك في حصول شرط انتقال الملك عن مالكه مطلقا " الذي هو التأبيد، فيحصل الشك في المشروط، فلا نحكم إلا بالمتيقن منه، وهو خروجه عن ملكه مدة تلك المصلحة، ويبقى الباقي على أصلية البقاء على ملك مالكه، انتهى.
ففيه أنه لا يخفى على المتأمل في هذا الباب أن أصل هذا الحكم لا نص عليه، ولا دليل في الوقف على المصالح، بل هو بمقتضى قواعدهم باطل غير صحيح، لما تقدم أن من جملة شروط الموقوف عليه عندهم أن يكون موجودا " له أهلية التملك والحكم بصحة الوقف على هذه الكيفية إنما استندوا فيه إلى أن الوقف هنا في الحقيقة وقف على المسلمين، وإن كان باعتبار مصلحة خاصة، وحينئذ فإذا كان الموقوف عليه إنما هو المسلمون، فإنه لا يلزم من بطلان تلك المصلحة بطلان الوقف، بل يجري في غيرها من مصالحهم بأي نحو كانت تلك المصلحة الموقوف عليها أولا " من الأنحاء التي ذكرها.
بقي الكلام في أنه هل يتعين الأقرب فالأقرب إلى تلك المصلحة أم لا؟ وجهان أحوطهما الأول، هذا وعندي في أصل الحكم أعني الوقف على المصالح اشكال، حيث لم أقف على خبر دال على شئ من أفراد هذا النوع، فضلا " عن أن يدل عليه بأمر كلي، وغاية ما يتعلقون به ويدور في كلامهم الوقف على المساجد، وقد عرفت أن ظاهر الصدوق المنع منه، للخبرين المتقدمين، وظاهر الخبرين المذكورين ذلك أيضا "، وبذلك يظهر أن تعميم الكلام في المصلحة المذكورة إلى شمول مثل شجر العنب والتين وعين الماء كما تقدم في كلام شيخنا المشار إليه مشكل، والله العالم.
بقي فيما يتعلق بهذا المطلب أمور يجب التنبيه عليها، أحدها: لو وقف على