من القطن أو الإبريسم أو غيرهما ونقل عن العلامة في التذكرة أنه اعتبر فيه كونه مأخوذا من غير الإبريسم لأنه ليس بأرض ولا من نبتها، ويظهر من الشهيد في كتبه الثلاثة التوقف والاستشكال في السجود على القرطاس بقول مطلق حيث قال في كتاب البيان: ويجوز على القرطاس المتخذ من النبات ويشكل بأجزاء النورة. وقال في الدروس: ولا بأس بالقرطاس ويكره المكتوب للقارئ المبصر ولو اتخذ القرطاس من القطن أو الكتان أو الحرير لم يجز. وقال في كتاب الذكرى بعد ذكر روايتي داود ابن فرقد وصفوان: وفي النفس من القرطاس شئ من حيث اشتماله على النورة المستحيلة إلا أن نقول الغالب جوهر القرطاس أو نقول جمود النورة يرد إليها اسم الأرض، إلى أن قال:
فرع - الأكثر اتخاذ القرطاس من القنب فلو اتخذ من الإبريسم فالظاهر المنع إلا أن يقال ما اشتمل عليه من أخلاط النورة مجوز له. وفيه بعد لاستحالتها عن اسم الأرض ولو اتخذ من القطن والكتان أمكن بناؤه على جواز السجود عليهما وقد سلف أقول: الظاهر أن ما تكلفه هذان الفاضلان في المقام - بارتكاب تخصيص أخبار القرطاس بالمتخذ مما يجوز السجود عليه كما يعطيه قوله في التذكرة في تعليل المنع من السجود على المتخذ من الإبريسم بأنه ليس بأرض. وقوله في الذكرى في المتخذ من القطن والكتان ببناء ذلك على جواز السجود عليهما - منشأه الجمع بين أخبار المنع من السجود على غير الأرض وما أنبتت ما لم يكن مأكولا ولا ملبوسا وبين أخبار القرطاس بارجاع أخبار القرطاس إلى تلك الأخبار وتقيدها بها، وهو مما لا يسمن ولا يغني من جوع وذلك فإنه لا ريب أن القرطاس قد خرج عن تلك الأشياء المتخذ منها كائنة ما كانت إلى حقيقة أخرى فلا يفيد كونه متخذا مما يصح السجود عليه فائدة، ألا ترى أنه قد امتنع السجود على المعادن وإن كان أصلها الأرض باعتبار الحيلولة والانتقال من الأرضية إلى حقيقة أخرى والقرطاس لا يصدق عليه أنه أرض ولا ما أنبتت، وكونه كان قبل الاستحالة إلى هذه الحقيقة مما يسجد عليه لا يجدي نفعا وإلا لجاز السجود