فيه الرشاد. قلت: جعلت فداك! فإن وافقهما الخبران جميعا؟ قال: ينظر إلى ما هم إليه أميل حكامهم وقضاتهم فيترك ويؤخذ الآخر. قلت: فإن وافق حكامهم الخبرين جميعا؟ قال: إذا كان ذلك فأرجه حتى تلقى إمامك، فإن الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات (1).
والمشهور اعتبار كونه مجتهدا مطلقا. وفي المسالك: لا يكفي اجتهاده في بعض الأحكام دون بعض على القول بتجزي الاجتهاد، ولم ينقل فيه خلافا (2).
وهذا الكلام ظاهره الاتفاق.
ولا يبعد القول بالاكتفاء بالتجزي عند فقد المجتهد المطلق. ورواية أبي خديجة «قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): إياكم أن يحاكم بعضكم بعضا إلى أهل الجور، ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا فاجعلوه بينكم، فإني جعلته قاضيا» (3) مؤيدة لجواز الاكتفاء بالتجزي، لكن الرواية ضعيفة.
وكيف ما كان فمع تيسر المجتهد المطلق لا يكفي المتجزي، لما دل على تقديم قول الأعلم، ومن ذلك: مقبولة عمر بن حنظلة المذكورة، ورواية داود بن الحصين، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في رجلين اتفقا على عدلين جعلاهما بينهما في حكم وقع بينهما خلاف فرضيا بالعدلين، واختلف العدلان بينهما، عن قول أيهما يمضي الحكم؟ فقال: ينظر إلى أفقههما وأعلمهما بأحاديثنا وأورعهما، فينفذ حكمه ولا يلتفت إلى الآخر (4). وقريب منه رواية موسى بن أكيل النميري (5).
وظن بعض المتأخرين أنه يستفاد من رواية عمر بن حنظلة المذكورة أن من روى حديث أهل البيت (عليهم السلام) ونظر في حلالهم وحرامهم وعرفهما فهو حاكم وإن لم يكن مجتهدا في الكل (6).