ولو نقصت حينئذ قيمته السوقية مع بقاء عينه وصفته على حالها ففي الضمان خلاف. واختار الشهيد الثاني عدم الضمان، نظرا إلى أن الفائت ليس مالا، بل اكتسابه (1) وبه قطع في الدروس (2). وفي بعض فتاواه قوى الضمان في الجميع (3).
والمشهور أنه يتحقق الغصب مع الجلوس على البساط أو ركوب الدابة، سواء قصده أم لا، وسواء كان المالك حاضرا فأزعجه أم لا، لتحقق الاستيلاء عليه على وجه العدوان.
وربما قيل باشتراط نقل المنقول في ضمانه، فلا يكفي مجرد ركوب الدابة من غير أن ينتقل به، والجلوس على البساط كذلك، نظرا إلى أن ذلك هو القبض في المبيع وغيره لأمثاله من المنقولات.
واجيب بمنع اعتبار النقل في القبض الذي يستعقب الضمان وإن اعتبر في غيره.
الثانية: يصح غصب العقار، ويضمنه الغاصب عندنا وعند أكثر العلماء، خلافا لبعض العامة. ويتحقق بإثبات اليد عليه مستقلا من غير إذن المالك. ولا فرق بين أن يزعج المالك فيخرجه من الدار أو يدخلها ويسكنها، وبين أن يستولي عليها ويتسلم مفاتيحها وإن لم يدخلها أصلا. ومثله ما لو أسكنها غيره جاهلا.
ولو سكن الدار مع مالكها قهرا فالأكثر على أنه يضمن نصف الدار. وذهب بعضهم إلى أنه لا يضمن شيئا من الدار، لعدم استقلال إثبات اليد. وربما قيل بأنه على هذا التقدير مستقل بالغصب على سبيل الإشاعة (4).
وعلى القول بالضمان لابد من التقييد بكونه متصرفا في النصف، بحيث يمنع المالك من أنواع التصرفات كالبيع والهبة وأمثالهما، لا مجرد السكنى.
ولو كان الداخل ضعيفا والمالك قويا لا يعد مثله مستوليا عليه قاهرا له، لم يكن غاصبا لشيء من الدار، ولكن يضمن اجرة ما سكن ولو بالإشاعة. ولو سكن بيتا معينا ومنع المالك عنه فلا ريب في تحقق الغصب.