الخامسة: لو أطلق المالك العوض من غير تعرض لذكره كقوله: من رد عبدي فله اجرة أو عوض، ونحو ذلك، فللراد اجرة المثل إلا في رد الآبق، فإن فيه خلافا. والمشهور أنه يثبت برده من مصره دينار، ومن غيره أربعة، ومستنده رواية مسمع بن عبد الملك (1). والرواية ضعيفة جدا، وبعض الأصحاب عمل بها وإن نقصت قيمة العبد عن ذلك. وبعضهم ذهب إلى وجوب أقل الأمرين من قيمة العبد والمقدر المذكور. والشيخ في المبسوط نزل الرواية على الأفضل. والشيخان في النهاية والمقنعة أثبتا ذلك وإن لم يستدع المالك الرد، نظرا إلى إطلاق الرواية.
وبعض الأصحاب صحح الإعراض عن هذا الحكم أصلا، استضعافا للسند، واختلاف الأصحاب على وجه لا يجبر ضعف الرواية. وهو متجه.
والمفيد (رحمه الله) ألحق البعير بالآبق وقال: إن ذلك يثبت بالسنة (2). وهو يشعر بورود نص فيه، ولم يظهر ذلك، فإلحاقه بغيره مما يوجب اجرة المثل متجه. ولو استدعى الرد من غير أن يتعرض للاجرة أصلا فقيل: لم يكن للراد شيء (3). وفيه خلاف للشيخين في العبد الآبق (4). وقوى بعضهم أنه إن صرح بالتطوع أو يقصده الراد لم يكن له شيء، وإلا كان له اجرة المثل (5). وهو غير بعيد.
السادسة: إذا قال: من رد عبدي فله دينار. فرده جماعة كان الدينار لهم بالسوية إذ لم يصدر الفعل إلا من المجموع، بخلاف ما لو كان الفعل يقبل التعدد كدخول الدار. وإذا جعل لكل واحد من ثلاثة جعالة منفردة على عمل وخالف بينهم بالزيادة والنقصان، فإن كان فعلهم لا يقبل الاختلاف كرد الآبق فلكل واحد ثلث ما جعل له، ولو كانوا أربعة فالربع لكل واحد. وإن كان الفعل يقبل الاختلاف كخياطة الثوب فخاطه ثلاثة فلكل واحد منهم بنسبة ما عمل إلى مجموع العمل مما عين له، ولمن لم يعين له من اجرة المثل بنسبة ما عمل إلى المجموع.